كتبت بوسي عواد
في إنجاز جديد يضاف إلى سلسلة النجاحات المصرية في حماية تراثها وحضارتها الممتدة لآلاف السنين، أعلنت الدولة عن استرداد مجموعة ثمينة من القطع الأثرية التي خرجت من البلاد بطرق غير مشروعة، وذلك بعد أيام قليلة من الافتتاح التاريخي للمتحف المصري الكبير، في خطوة تعكس قوة الدبلوماسية المصرية وفعالية التعاون الدولي في مكافحة تهريب الآثار.
وأكدت وزارة الخارجية أنها سلّمت وزارة السياحة والآثار 36 قطعة أثرية مصرية استعادتها القاهرة من الولايات المتحدة الأميركية، عقب جهود دبلوماسية مكثفة وتنسيق متواصل بين الأجهزة المختصة في البلدين، في إطار استراتيجية وطنية متكاملة تهدف لحماية الهوية الحضارية للدولة المصرية.
جاءت الآثار المستردة موزعة على ثلاث مجموعات رئيسية:
1- المجموعة الأولى:
مصادرة 11 قطعة أثرية عبر مكتب المدعي العام بولاية نيويورك، قبل أن تُسلّمها السلطات الأميركية إلى القنصلية المصرية العامة.
2- المجموعة الثانية:
مجموعة نادرة من 24 مخطوطًا تاريخيًا مكتوبًا باللغتين القبطية والسريانية، وتُعد من الوثائق التراثية ذات القيمة الدينية والعلمية الكبيرة.
3- المجموعة الثالثة:
لوحة ملونة من عصر الأسرة الثامنة عشرة، أعادها متحف المتروبوليتان للفنون بعد التثبت من عدم شرعية خروجها من مصر، لتستعيد القاهرة إحدى القطع التي تجسد روائع الفن المصري القديم.
وتزامن الإعلان مع خطوة أوروبية بارزة، إذ تعهّد رئيس الوزراء الهولندي ديك سخوف بإعادة تمثال أثري نادر يعود لعهد الملك تحتمس الثالث، كان قد ظهر في معرض بمدينة ماستريخت عام 2022، قبل أن تكشف التحقيقات عن تهريبه من مصر عام 2011.
التمثال يُجسّد أحد كبار المسؤولين في الدولة المصرية القديمة، ويعتبر من القطع الفريدة التي تُبرز مكانة مصر الإدارية والفنية في تلك الحقبة.
وفي سياق متصل، استردت مصر قطعتين أثريتين من بلجيكا عقب تنسيق وثيق بين الخارجية المصرية والنيابة العامة والسلطات البلجيكية، وهما:
تابوت خشبي مذهب من العصر المتأخر مزخرف برسوم جنائزية دقيقة.
لحية خشبية أثرية كانت جزءًا من تمثال من الدولة الوسطى.
وأوضح الدكتور محمد إسماعيل خالد أن رحلة استعادة هاتين القطعتين بدأت عام 2016 بعد تحفّظ السلطات البلجيكية على أربع قطع لعدم توافر مستندات الملكية. وقد استردت مصر قطعتين عام 2022، وتكللت الجهود باستعادة القطعتين الأخيرتين هذا العام.
من جانبه، أشاد وزير السياحة والآثار شريف فتحي بالدور المحوري لوزارة الخارجية والنيابة العامة، مؤكدًا أن الدولة ماضية في تتبع كل قطعة خرجت بطرق غير شرعية، في إطار رؤية وطنية تستهدف حماية التراث باعتباره جزءًا من الهوية المصرية.
كما أكد شعبان عبد الجواد أن النجاحات المتتالية تأتي نتيجة استراتيجية تقوم على التتبع الدولي للقطع المهربة، وتكثيف الإجراءات القانونية، وتفعيل المسؤولية الأخلاقية للمتاحف العالمية تجاه التراث الإنساني.
تمثل عمليات الاسترداد الأخيرة من الولايات المتحدة وهولندا وبلجيكا حلقة جديدة في سلسلة ممتدة تؤكد قدرة مصر على استعادة حقوقها الحضارية، وترسّخ مكانتها كأحد أهم حماة التراث الإنساني.
بهذه الخطوات، تواصل الدولة كتابة فصل جديد في مسيرة استرداد آثارها، لتظل الحضارة المصرية القديمة محفوظة لأجيال الحاضر والمستقبل، في وطنها الأصلي الذي انطلقت منه إلى العالم.
المحطة الإخبارية جريدة إليكترونية شاملة