كتبت بوسي عواد
تشهد الألعاب الإلكترونية انتشارًا واسعًا بين المراهقين حول العالم، حتى أصبحت جزءًا أساسيًا من يومهم وحياتهم الاجتماعية. ورغم أنها ظهرت في بدايتها وسيلة للترفيه، إلا أنها تحولت في السنوات الأخيرة إلى عالم كامل يتفاعل معه المراهق نفسيًا وعقليًا وسلوكيًا. ومع ارتفاع معدلات التوتر والقلق بين الشباب، تبرز تساؤلات حول تأثير هذا العالم الافتراضي على صحتهم النفسية.
الألعاب الإلكترونية الحديثة تعتمد على نظام المكافآت السريعة، وهو ما يحفّز الدماغ على إفراز كميات أكبر من الدوبامين. هذا الشعور اللحظي بالسعادة يجعل اللاعب يرغب في الاستمرار لفترات أطول، ما يقود إلى التعلق وربما الإدمان.
وتؤكد دراسات حديثة أن الألعاب التنافسية مثل ألعاب القتال أو “الباتل رويال” تصنع لدى المراهق شعورًا دائمًا بالضغط، في ظل رغبة مستمرة في الفوز والحفاظ على مستوى مرتفع بين أقرانه في اللعبة.
قضاء ساعات طويلة أمام الشاشة يؤدي تدريجيًا إلى الانسحاب من الحياة الواقعية. يستبدل المراهق تفاعلاته الاجتماعية بأخرى افتراضية، فيشعر بالراحة أكثر خلف الشاشة بدل مواجهة العالم الحقيقي.
ومع الوقت يمكن أن يؤدي ذلك إلى:
تراجع المهارات الاجتماعية
الشعور بالوحدة
انخفاض الثقة بالنفس
أعراض اكتئابية نتيجة قلة التفاعل الإنساني الحقيقي
اضطرابات النوم… حلقة تربط الألعاب بالتوتر
يلعب الضوء الأزرق المنبعث من الشاشة دورًا مهمًا في تعطيل الساعة البيولوجية للمراهق. فعند اللعب لساعات متأخرة، يقل إفراز الميلاتونين المسؤول عن النوم، ما يسبب:
أرق
نوم متقطع
ضعف التركيز في الدراسة
مزاج متقلب طوال اليوم
القلق… وتأثير الألعاب العنيف
لا يقتصر الأمر على الإدمان فقط، بل إن بعض الألعاب العنيفة أو شديدة الإثارة قد تعزز مستويات القلق والعدوانية لدى بعض المراهقين، خاصة إذا كان لديهم استعداد نفسي أو يعيشون ضغوطًا يومية مسبقة.
هل هناك جانب إيجابي؟
بالتأكيد. لا يمكن تجاهل أن الألعاب الإلكترونية تحمل جوانب تعليمية وتطويرية مهمة، من بينها:
تحسين سرعة رد الفعل
تنمية مهارات اتخاذ القرار
تعزيز الإبداع والتفكير الاستراتيجي
بناء صداقات جديدة عبر الإنترنت
لكن هذه الفوائد لا تظهر إلا عندما يكون اللعب منظمًا وضمن حدود آمنة.
كيف تحمي الأسرة أبناءها؟
التعامل السليم مع الألعاب لا يعني المنع، بل الإدارة الواعية. وفيما يلي أبرز النصائح:
تحديد ساعات لعب ثابتة لا تتجاوز ساعتين يوميًا
تشجيع المراهق على ممارسة الرياضة أو الهوايات المتنوعة
اختيار ألعاب مناسبة للفئة العمرية
تخصيص أوقات لعب مشتركة لتعزيز التواصل الأسري
وضع الهاتف أو جهاز اللعب خارج غرفة النوم ليلاً
الألعاب الإلكترونية ليست المتهم الأساسي، بل طريقة استخدامها. حين تتحول التسلية إلى سلوك قهري، يصبح المراهق معرضًا لخطر اضطرابات نفسية قد تبدأ بسيطة لكنها تتفاقم مع الوقت. أما إذا كانت ضمن حدود واضحة، فإنها تصبح وسيلة للتطوير والمرح دون أي تأثيرات سلبية تُذكر.
التوازن… هو كلمة السر بين عالم واقعي يحتاج المراهق للاختلاط به، وعالم رقمي يفتح له أبوابًا واسعة من الإبداع.
المحطة الإخبارية جريدة إليكترونية شاملة