كتبت بوسي عواد
تعودنا دائمًا أن نكون في المقدمة دون أن يرانا أحد، وكأننا نتقن فن الظهور في الصفوف الأولى دون أن نصدر أي ضجيج. لسنا من عشاق التصفيق ولا من طالبي التصوير، بل نحن من أولئك الذين يعملون بصمت، يحققون الأهداف واحدًا تلو الآخر دون الحاجة إلى رفع الشعارات أو لفت الأنظار.
في هذا العالم الذي يعج بالصخب والبحث عن الأضواء، يصبح التقدم الهادئ عملة نادرة. كثيرون يقيسون النجاح بما يُقال عنهم، بما يظهر في العناوين أو بما يجمعونه من إعجابات ومتابعين. أما نحن، فنتنفس الصبر، ونعتبر أن أفضل إنجاز هو الذي يشهد عليه الواقع لا الكلام، وأن أعظم الانتصارات هي تلك التي لا تحتاج إلى إعلان.
تعلمنا أن الطريق إلى النجاح الحقيقي ليس مرصوفًا بالأضواء، بل مليء بالتحديات التي تُختبر فيها عزيمتنا. لذلك، اعتدنا أن نكون في الصف الأول، لأننا لا نلهث وراء الواجهة، بل نركز على الجوهر. نحن أول من يتحمل المسؤولية، وأول من يمد يد العون، وأول من يحقق الهدف، ثم يبتسم بهدوء وكأن شيئًا لم يكن.
هذه ليست دعوة للانطواء ولا إنكارًا لقيمة التقدير، لكنها فلسفة عيش: أن نُنجز لنرضي ضميرنا لا عيون الناس، أن نسعى للتميز لا للظهور، أن نكون رقمًا صعبًا في المعادلة لا مجرد اسم عابر في الأخبار.
في النهاية، من يسير دون ضجيج يصل أبعد مما يتخيل، لأن الطريق الحقيقية تُفتح أمام من يثبت نفسه بالفعل لا بالقول.