الأربعاء , أغسطس 13 2025

حين يغيب الحب ينهض الشوق على أطلال القلب

كتبت خيريه غريب

حين يغيب الحب ينهض الشوق على أطلال القلب، كأنه روح تتجلى في صمتها المعبق بالدفء والشوق. ولكن ماذا يبقى حين يرحل من نحب؟ ماذا يبقى حين يصير الحبيب ذكرى، والصوت صدى، واللقاء أمنية لا يُرجى لها تحقق؟

 

الفقد في الحب ليس مجرد غياب جسد أو انطفاء لحظة عابرة، بل هو خرق عميق في نسيج الروح، يترك فراغًا لا يملأه شيء، مهما ازدحمت الأيام بالناس والأحاديث. حين نفقد من نحب، لا نعود نحن، نصبح نسخًا باهتة من ذواتنا، تمشي على الأرض بقلوب معلقة في الماضي، تبحث عن لحظات لا تعود.

 

الشوق، ذلك الشعور العاتي، لا يعرف الرحمة ولا الاكتفاء. إنه لا يكتفي بأن يذكّرك بمن تحب، بل يعيدك قسرًا إلى تفاصيله الصغيرة: ضحكته التي كانت تملأ القلب فرحًا، ونبرة صوته التي كانت تهدئ الروح، وعينيه حين ينظر إليك، وحتى صمته الذي كان يحتضنك دون كلمات. الشوق ينهض من رماد الذكرى، ويتغذى على الفقد، وينمو في قلبك كغصن لا يكف عن التمدد والنماء.

 

ولعل أقسى ما في الفقد، أن الحب لا يموت معه، بل يزداد نقاءً وصفاءً، كأنه يصقل بمرور الزمن. كأن الحبيب، حين يبتعد، يصبح أجمل مما كان، وتصير كل لحظة قضيتها معه كنزًا لا يُقدر بثمن، وذكريات لا تمحى. لكن هذا الجمال ليس عزاءً، بل جرحًا ناعمًا، يبتسم في وجهك ليذكّرك أنك ما زلت أسير حب لم يكتمل، وروحًا ما زالت متعلقة بشخص رحل.

 

وما بين الفقد والشوق، يعيش القلب حالة من التقلب والاضطراب، كأنه عالق بين زمنين: زمن مضى بحضور الحبيب، وزمن حاضر لا يحتمل غيابه. ويظل الأمل رغم كل شيء ضوءًا خافتًا في آخر النفق، يخبرنا أن الحب، وإن غاب أصحابه، لا ينطفئ، بل يتحول إلى ذاكرة خالدة تؤنس القلب، وتُبقيه نابضًا بالحياة والحنين.

شاهد أيضاً

الصاحب الأمين.. مش بس عشرة، دي مسؤولية وعهد

كتبت بوسي عواد لما تيجوا تعملوا أصحاب عمر، اختاروا صحاب أمَناء.. مش بس على أسراركم، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *