كتبت خيريه غريب
ثمة أشخاص لا يشبهون أحدًا، يأتون إلى حياتنا بصمتٍ جميل، وكأن القدر اختارهم بعناية ليكونوا لنا سكنًا وطمأنينة. لا نطلبهم، ولا ننتظرهم، لكنهم حين يأتون، نشعر وكأن الحياة قد ابتسمت لنا أخيرًا بعد طول غياب.
إنهم ليسوا مجرد صدفة عابرة، بل هدايا خفية من السماء، يحملون في قلوبهم نورًا يُضيء عتمة أرواحنا، وفي حضورهم سكينة تجعلنا نعيد اكتشاف أنفسنا من جديد. يقرأون صمتنا، يفهموننا دون أن نتكلم، ويمنحوننا شعورًا بالأمان لا يُشبه شيئًا آخر.
معهم يصبح الزمن أكثر رقة، والعمر أكثر عمقًا، لأنهم لا يمرّون على السطح، بل يغوصون في أعماقنا، يرون ما لا يُرى، ويشعرون بما لا يُقال. هم مرآة الروح حين تتوق لمن يُدركها، حضنٌ دافئٌ حين تبرد الحياة، وصوت هادئ حين يعصف الضجيج.
إن وجودهم في حياتنا ليس عاديًا، بل هو تذكير بأن الخير لا يزال يسكن الأرض، وأن الحب يمكن أن يكون نقيًّا، وأن القرب لا يُقاس بالمسافات بل بالقلوب التي تعرف كيف تحتضننا دون أن نطلب.
فتمسّكوا بهؤلاء كما يتمسك القلب بنبضه، وادعوا لهم كما يدعو الغريق لطوق النجاة. لأنهم ببساطة… حين أعطانا الله إياهم، ازداد عمر قلوبنا دفئًا، وصار للحياة طعمٌ لا يُشبه ما قبلهم