كتب سيد بدران
لم تكن مدينة نبروه بمحافظة الدقهلية تعلم أن ليلتها ستُكتب بدماء البراءة وتُروى بمرارة الفقد. ليلة تحولت فيها صورة الأب من ملاذٍ وسندٍ إلى كابوس يطارد أسرته، ويترك مدينة كاملة تحت وطأة صدمة لا تُمحى.
في محل أدوات منزلية صغير تملكه «نجوى» الزوجة الثانية، بدأت الحكاية السوداء. حضر الزوج في محاولة يائسة للصلح، متوسلًا إليها أن تتراجع عن قرار الطلاق، لكنها رفضت بصلابة. طلب منها الصعود إلى «السندرة» لمحادثة بعيدة عن الأعين، لكن الهدوء انقلب فجأة إلى عاصفة. استل سكينًا وسدد إليها 13 طعنة غادرة في أنحاء جسدها، قبل أن يتركها تنزف داخل محلها ويلوذ بالفرار.
لم يشبع القاتل من جريمته الأولى، بل أسرع إلى منزله الآخر حيث يقيم أطفاله الثلاثة من زوجته الأولى المتوفاة. كانوا في انتظار أب يروي لهم حكاية مسائية أو يربت على رؤوسهم الصغيرة ليمسح عنهم مرارة اليُتم. لكن القادم لم يحمل دفئًا ولا حنانًا، بل موتًا باردًا تسلل إلى أجسادهم الغضة. هناك، أكمل الأب فصلاً جديدًا من جريمته، ليتركهم بلا صوت، بلا حلم، وبلا حياة.
بين دموع الأمهات وذهول الآباء، خيم الحزن على نبروه. شوارعها باتت تهمس باسم «نجوى» وأطفالها الثلاثة، في حين تساءل الجميع: كيف يتحول الأب، رمز الأمان، إلى وحش ينهي حياة من يفترض أن يحميهم؟
الجهات الأمنية سارعت بتكثيف جهودها لضبط المتهم، في جريمة هزّت الضمير الجمعي وأشعلت غضب الرأي العام. ومع انتظار محاكمة القاتل، يبقى السؤال معلقًا: أي جرح يمكن أن يندمل بعد أن سالت دماء زوجة وأطفال أبرياء على يد أقرب الناس إليهم؟
هذه الحادثة لم تترك أثرها على عائلة صغيرة فقط، بل على مدينة بأكملها، لتظل نبروه شاهدة على واحدة من أبشع الجرائم التي سطرتها قسوة إنسان فقد إنسانيته.