الأحد , يونيو 8 2025

لمة العيلة في العيد… حضن الروح قبل حضن الجسد   

 بقلم د/مى غريب 

العيد مش بس تكبيرات، ولا لبس جديد، ولا كحك على الصبح…

العيد الحقيقي بيبدأ من لمة العيلة، من صوت الضحك اللي بيترن فـ الصالة، من ريحة الطبيخ اللي طالعة من مطبخ أمي، من حضن أبويا اللي كنت بستخبى فيه وأنا بضحك ومش عايز أسِيب.

في لمة العيلة، بتتبني الذكريات، وبتتصلّح القلوب، وبنرجّع طفولتنا ولو ليوم واحد.

تلاقي الطاولة كبيرة، والأكل كتير، بس اللي بيدفي المكان مش الشوربة… اللي بيدفيه هو وجودنا مع بعض.

مميزات لمة العيلة:

أمان نفسي غير مشروط: تحس إن في ضهر ليك، حتى لو الدنيا كلها ضدك.

دفا القلوب: لما تشوف ابن عمك بيضحك من قلبه، وتسمع ضحكة خالتك اللي شبه زمان.

فرصة لتجديد العلاقات: نصلح الزعل، نرجّع القُرب، نطبطب على اللي بعيد.

فرحة الأطفال: لما يجروا حوالينا بلبسهم الجديد وعيونهم مليانة سعادة.

بس مش دايمًا الصورة كاملة

رغم كل الجمال ده، في شوية عيوب بتطلع:

ضغط اجتماعي: الناس اللي بيجوا يسألوا “اتجوزتِ؟ خلفتِ؟ هتشتغلي امتى؟” وكأننا في لجنة امتحان مش عيد.

مقارنات بتوجع: فلانة جابت شبكة أكبر، وفلان جاب شقة أحسن… وساعتها يضيع طعم الفرح.

تجاهل مشاعر بعض الناس: حد لسه فاقد حد غالي، وحد بيضحك مجاملة، وقلبه بيبكي جواه.

طب… اللي ماعندوش عيلة؟

العيد بالنسبة له ممكن يكون صامت، تقيل، بارد…

الشارع فاضي، الموبايل ساكت، والذكريات بتعضّ في القلب.

الناس حواليه بتضحك، وهو بيضحك مجاملة.

يمكن يكون يتيم، يمكن مهاجر، يمكن مريض، يمكن فقد أهله بحادث أو موت…

وكل ما يسمع كلمة “عيد سعيد” يحس إنها بتخبط فيه مش بتفرّحه.

لكن زمان… زمان كنا غير!

زمان كنا بنحضن العيد مش بس لعيلتنا… كنا بنحضنه للي معندوش حد.

الجيران بيحضنوا اليتيم قبل أولادهم.

الستات يطبخوا ويوزعوا من قلبهم.

الرجالة تفتّش على المريض والفقير.

كنا بنتسابق مين يفرّح طفل أكتر.

واليتيم… كان ليه ألف أب وأم،

والمريض… كان له ألف أخ.

والفقير كان بيتعزم قبل الغني.

كان كل شارع جوه مصر عبارة عن عيلة كبيرة…

البيوت كانت مفتوحة… والقلوب كانت أوسع.

رجّعوا العيد لأصله…

الفرحة مش في العيدية، ولا في طعم الكحك…

الفرحة الحقيقية إنك تفتكر اللي ناسيه الكل.

روح زور الأرملة اللي في آخر الشارع،

ابعت رسالة حب لحد مريض،

اطبطب على اليتيم اللي بيعدّ الأيام عشان يحس بحضن،

افتح بابك لحد وحيد… وهتلاقي الفرحة بتدخل معاه.

لو عندك عيلة… احضنهم جامد، واشكر ربنا.

لو ناقصك حد… إبني العيلة بحبك، بجيرانك، بأصحابك.

ولو حاسس بالوحدة… كن أنت العيلة لحد تاني.

العيد مش محتاج كتر ناس… العيد محتاج قلوب حنينة.

رجّعوا العيد يبقى زي زمان… لما كان الشارع كله بيت واحد.

شاهد أيضاً

الصدق والتزوير دائرة الحياة الاجتماعية

كتبت خيريه غريب  الحياة الاجتماعية عبارة عن دائرة معقدة من العلاقات والتفاعلات بين الأفراد. في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *