الأحد , أغسطس 10 2025

في ذكرى رحيل فاروق الفيشاوي: نجم قاوم السرطان بالفن وودّع الحياة بصمت العظماء

كتبت منة الله

تحل اليوم الذكرى السنوية السادسة لرحيل النجم الكبير فاروق الفيشاوي، أحد أعمدة الفن المصري والعربي، الذي ودّع الحياة في مثل هذا اليوم من عام 2019، بعد رحلة كفاح إنسانية وفنية مشرفة، كانت فيها الكرامة عنوانًا، والقوة مبدأً، والحب للفن والناس دافعًا لا ينضب.

 

لم يكن فاروق الفيشاوي مجرد ممثل يعتلي خشبة المسرح أو يطل عبر الشاشة، بل كان مدرسة في الصدق، واختزالًا حيًّا لمعنى الإنسان الفنان. وقد أثبت ذلك حين واجه مرض السرطان بشجاعة نادرة، معلنًا بنفسه إصابته أمام جمهور مهرجان الإسكندرية السينمائي عام 2018، قائلاً بثبات يليق بالفرسان: “سأتعامل معه كأنه صداع.. وسأهزمه”.

 

الفيشاوي والسرطان.. معركة بكرامة

 

في واحدة من أجرأ المواجهات العلنية مع المرض، قرر الفيشاوي أن ينزع القناع عن الخوف، وأن يُضيء شمعة أمل في قلوب آلاف المرضى. لم يكن يبحث عن تعاطف، بل عن صورة مختلفة للمرض؛ صورة تحترم إنسانية المريض وتحفظ كرامته.

 

وفي آخر لقاءاته التلفزيونية، تحدث الفنان الكبير عن العلاج الحديث الذي خضع له بدلًا من الكيميائي، مشيدًا بإنجازه الطبي العالمي، ومهاجمًا بشدة البرامج التي تستغل مرضى السرطان – خاصة الأطفال – في لحظات ضعفهم، قائلًا بمرارة:

 

> “قاتل الله هذه البرامج… اللي ما عندهمش لا قلب ولا إنسانية.”

 

طالب الفيشاوي الإعلام بأن يكون منبرًا للأمل، لا أداة لابتزاز العاطفة، مشددًا على ضرورة إظهار قصص الشفاء والنصر على المرض، وليس فقط وجع الألم.

 

الرحيل في صمت.. والحضور لا يغيب

 

في 25 يوليو 2019، أسدل الستار على حياة فاروق الفيشاوي، لكنه لم يُسدل على حضوره الطاغي في ذاكرة المصريين والعرب. رحل في هدوء يليق بالكبار، لكنه ترك إرثًا فنيًا لا يُنسى، بدءًا من أدواره الجريئة والمعقدة، إلى اختياراته الدرامية التي كانت دومًا تعكس قضايا الناس والشارع.

 

قدّم الفيشاوي عشرات الأعمال الخالدة في السينما والتلفزيون، من “الطوفان” إلى “البركان”، ومن “الحاوي” إلى “عائلة الحاج متولي”، وكان حضوره الفني يمتزج بشخصية رجل لا يعرف إلا الصدق، ولا يتعامل إلا بالحب.

 

إرث لا يُمحى

 

تخليدًا لذكراه، لا يزال اسمه يتردد في المهرجانات، وفي الدراما التي تشهد على عبقريته، وفي شهادات كل من عملوا معه، الذين أجمعوا أنه رجل صاحب موقف، وفنان لا يجامل، وإنسان لا يتكرر.

 

وفي زمن قلّت فيه الرموز، يبقى فاروق الفيشاوي نموذجًا لفنان قاتل السرطان بالفن، وكشف الوجه القبيح للمتاجرة بالوجع، واختار أن يرحل بكامل كرامته، دون أن يُطفئ شيئًا من محبته في قلوب جمهوره.

 

فاروق الفيشاوي.. أنت غائب بالجسد، لكن حضورك أقوى من الموت.

شاهد أيضاً

 آخر أمنيات سيد صادق قبل رحيله: “نفسي أطلع الحج السنة الجاية”

كتبت منة الله رحل عن عالمنا الفنان القدير سيد صادق عن عمر ناهز 80 عامًا، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *