كتب مصطفى قطب
في موقف حاسم يعكس القلق العربي المتصاعد من تفاقم الأزمة السودانية، أدانت جامعة الدول العربية، اليوم، إعلان ائتلاف سوداني مرتبط بقوات الدعم السريع تشكيل حكومة موازية في مدينة نيالا، جنوب دارفور، مع نوايا لتعيين حكام لعدد من الأقاليم، معتبرة هذه الخطوة تصعيدًا خطيرًا يهدد وحدة الدولة السودانية ويعمّق من معاناة المدنيين الأبرياء.
وأكدت الجامعة العربية في بيان رسمي صادر عن الأمانة العامة، أن هذه الخطوة تمثل تحديًا سافرًا لإرادة الشعب السوداني، ومحاولة لفرض أمر واقع عبر القوة العسكرية، بعيدًا عن أي غطاء دستوري أو قانوني، محذرة من أن تشكيل حكومات أو إدارات موازية خارج الإطار الشرعي للدولة من شأنه أن يُدخل السودان في دوامة من الفوضى والانقسام.
وأضاف البيان أن أي تمادٍ في تقويض مؤسسات الدولة وإضعاف بنيتها المركزية، أو استبدال سلطة القانون بقوة السلاح، يمثل خطرًا مباشرًا على السلم الأهلي داخل السودان، ويمهّد لتحويل البلاد إلى كانتونات متناحرة، في سيناريو كارثي يُهدد الأمن والاستقرار الإقليميين.
وشددت الجامعة على ضرورة الاحترام الكامل لقرارات الشرعية الدولية، مؤكدة على ما ورد في بيان مجلس الأمن الدولي الرافض لتشكيل أي سلطة موازية في السودان، لما لذلك من تأثير مباشر على تعميق النزاع، وتعطيل جهود الحل السياسي، وتعقيد وصول المساعدات الإنسانية لملايين المتضررين من النزاع الدامي.
كما دعت الأمانة العامة الأطراف السودانية الضالعة في هذه المبادرة الأحادية إلى التراجع الفوري عن أي تحركات من شأنها تعميق الانقسام الوطني، والالتزام باتفاق جدة لوقف الأعمال العدائية، والامتثال للقانون الدولي الإنساني، بما يضمن وصول الإغاثة إلى المتضررين وتوفير البيئة المناسبة لإطلاق حوار سياسي جامع برعاية إقليمية ودولية.
يأتي هذا التطور في ظل وضع إنساني مأساوي يعاني منه السودان، حيث تتفاقم الأزمات على خلفية الحرب الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، مع تزايد أعداد النازحين واللاجئين، ونقص حاد في الغذاء والدواء، وسط تقارير حقوقية متكررة عن انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان.
واختتمت الجامعة العربية بيانها بالتأكيد على أن الطريق الوحيد للخروج من الأزمة السودانية هو الحوار الشامل بين مكونات الشعب السوداني، بعيدًا عن منطق القوة والانفراد بالسلطة، وبما يحفظ وحدة السودان وسلامة أراضيه وكرامة شعبه.