الثلاثاء , أغسطس 12 2025
أخبار عاجلة

الإمام الشافعي.. قلب نابض بتاريخ مصر وذاكرة مفتوحة على عصورها

كتبت بوسي عواد

في قلب القاهرة التاريخية، حيث تختلط رائحة الزمن القديم بملامح الحاضر النابض، تمتد منطقة الإمام الشافعي كدرّة فريدة على خريطة التراث المصري. إنها ليست مجرد جبانة قديمة أو موقع أثري صامت، بل سجل حيّ يروي حكايات مئات السنين، ويحتضن بين جنباته قصص العلماء والأولياء والقادة والأعيان الذين تركوا بصماتهم العميقة في تشكيل ملامح الوعي الديني والسياسي والثقافي لمصر.

 

مقام الإمام الشافعي، أحد أبرز الأئمة الأربعة في الفقه الإسلامي، يتوسط هذه المنطقة التاريخية شامخًا بقبته الضخمة التي تعانق السماء. شُيّد المقام في العصر الأيوبي بأمر من السلطان الكامل محمد بن العادل، وجُدد عبر العصور ليظل شاهدًا على عبقرية العمارة الإسلامية وفنون الزخرفة.

 

وعند التجول بين القباب المزخرفة والشواهد المنقوشة، يجد الزائر نفسه أمام بانوراما متكاملة للفن الإسلامي؛ من النقوش القرآنية البديعة، إلى الزخارف الهندسية والنباتية التي تحاكي روعة الإبداع المعماري في العصور الوسطى. كل حجر هنا يحكي قصة، وكل نقش يختزن بين خطوطه ملامح عصر بكامل تفاصيله.

 

كما تضم المنطقة أضرحة عدد من الشخصيات التاريخية، من العلماء والأولياء والصالحين، مرورًا بأعيان الدولة وقادة الجيش، وحتى أسر مملوكية وعثمانية كان لها دور بارز في الحياة السياسية والاجتماعية لمصر. وهذا التنوع في الشخصيات المدفونة يعكس عمق ارتباط هذه البقعة بتاريخ الوطن على امتداد العصور.

 

ولم تعد منطقة الإمام الشافعي مجرد مقصد للزائرين والباحثين، بل أصبحت أيضًا محورًا لجهود الترميم والحفاظ على التراث التي تقوم بها الدولة، في إطار خطة شاملة لإحياء القاهرة التاريخية وإبراز كنوزها المعمارية والروحية للعالم.

 

هنا، حيث يلتقي عبق الماضي بروح الحاضر، يدرك الزائر أن الإمام الشافعي وجبانته التاريخية ليستا مجرد معلم أثري، بل ذاكرة حيّة تختزن في طياتها حكاية مصر منذ قرون، وتواصل بث رسائلها عبر الأجيال، بأن الهوية المصرية تتجذر في أرضها وتزدهر بحفاظ أبنائها عليها.

شاهد أيضاً

30 يونيو.. انتفاضة الإرادة الشعبية التي أعادت تصحيح مسار الوطن

كتبت بوسي عواد في الثلاثين من يونيو عام 2013، خرج ملايين المصريين إلى الشوارع والميادين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *