المحطة الإخبارية جريدة إليكترونية شاملة
كتب مصطفى قطب
في لحظةٍ موجعة تختصر حجم المأساة الفلسطينية، خرج النجم المصري محمد صلاح، لاعب ليفربول الإنجليزي، عن صمته ليُدوّن كلماتٍ قليلة حملت بين طياتها أعمق معاني الألم والاحتجاج. عبر حساباته الرسمية على منصات التواصل الاجتماعي “إكس” و”إنستجرام”، وجّه صلاح سؤاله إلى العالم كله، تعليقًا على خبر استشهاد اللاعب الفلسطيني سليمان العبيد المعروف بـ “بيليه فلسطين”، قائلاً:
“هل تستطيع أن تُخبرنا كيف مات وأين ولماذا؟”
سؤال بسيط في صياغته، لكنه بدا أشبه بصرخة مدوية تهز الضمير الإنساني الغائب. انتشرت كلمات صلاح كالنار في الهشيم، وتجاوزت التغريدة أكثر من ٨٠ مليون مشاهدة، لتُحوِّل الحدث من خبرٍ محلي عن رحيل لاعب فلسطيني إلى قضية رأي عام عالمي.
اللاعب الراحل سليمان العبيد لم يكن مجرد اسم في سجل الرياضة الفلسطينية؛ بل كان رمزًا للأمل وصوتًا للفرح وسط الحصار، أمتع جماهيره بأهدافه ومهاراته على المستطيل الأخضر. لكن رصاصة الاحتلال لم تفرق بين مدني ورياضي، لتُسقطه شهيدًا وهو يقف في طابور ينتظر المساعدات الإنسانية جنوب قطاع غزة.
رد صلاح جاء تعليقًا على منشور رسمي من حساب الاتحاد الأوروبي لكرة القدم “يويفا”، الذي نعى اللاعب الفلسطيني. إلا أن كلمات صلاح حوّلت التعزية الرسمية إلى محاكمة أخلاقية للمجتمع الدولي: إذا كان موت إنسان موثقًا بالصورة والصوت، فما الذي يمنع العالم من إدانة القاتل؟
منذ قرابة عامين، يعيش قطاع غزة تحت حصار خانق وحربٍ شرسة لا تهدأ. يوميًا يتكرر مشهد الدماء، حيث يسقط أكثر من مائة ضحية في المتوسط، معظمهم من النساء والأطفال. وبينما تستمر المأساة، يكتفي العالم بالمشاهدة، وكأن دماء الأبرياء لا تكفي لتحرك ضميرًا أو تستنهض عدلاً.
رسالة صلاح، وإن جاءت في شكل سؤال، إلا أنها كانت أقوى من خطابات سياسية طويلة. فهي ليست مجرد كلمات لاعب كرة قدم، بل شهادة إنسان يضع العالم أمام مرآة الحقيقة: هناك جريمة موثقة، وهناك ضحايا أبرياء، ولكن أين الإنسانية؟
بهذا الموقف، أثبت صلاح مجددًا أنه لا يكتفي بدوره الرياضي، بل يُدرك تمامًا مسؤوليته كصوت مسموع على الساحة العالمية، يختصر بجملة واحدة مأساة شعب بأكمله، ويُحاكم ضمير العالم المتقاعس.
