كتبت بوسي عواد
في لوحة وطنية ملهمة، شهدت لجان الاقتراع في اليوم الثاني من انتخابات مجلس الشيوخ لعام 2025، إقبالًا كبيرًا من الناخبين، كان أبرز ملامحه تقدم كبار السن الصفوف الأولى، في صورة تعكس عمق الانتماء وقوة الإرادة لدى المواطنين، رغم حرارة الطقس وظروفهم الصحية.
منذ الساعات الأولى من صباح اليوم، رصدت كاميرات الصحافة طوابير طويلة أمام مقار اللجان الانتخابية في مختلف المحافظات، حيث حضر الناخبون مبكرًا حاملين بطاقاتهم الشخصية وعزيمتهم، ليؤكدوا أن السن لا يقف حاجزًا أمام أداء الواجب الوطني.
في مشهد مؤثر من محافظة الجيزة، ظهرت السيدة عائشة محمود، البالغة من العمر 64 عامًا، وهي تسير ببطء ولكن بثبات نحو لجنتها، قائلة:
“أنا بخرج كل انتخابات، وصوتي لازم يوصل. إحنا شوفنا البلد بتتغير، ولازم نحافظ على اللي اتحقق.”
لم تكن وحدها في هذا القرار، فقد شارك المئات من كبار السن في مختلف اللجان، البعض مستندًا إلى عصا، وآخرون على كراسي متحركة، إلا أن أعينهم كانت مليئة بالإصرار، وإيمانهم بقدسية المشاركة لا يقل عن أي فئة عمرية أخرى.
الهيئة الوطنية للانتخابات أكدت في بيانها، أن اليوم الثاني من العملية الانتخابية مرّ بسلاسة، وسط تنظيم محكم وإجراءات أمنية مشددة، بالتعاون مع أجهزة الدولة المختلفة.
كما تم توفير مظلات لحماية الناخبين من الشمس، ومقاعد انتظار، ومياه للشرب، إلى جانب كراسٍ متحركة للفئات الأكثر احتياجًا، في خطوة إنسانية لاقت إشادة واسعة.
من جهة أخرى، برز دور الشباب المتطوعين في تنظيم حركة الدخول ومساعدة كبار السن، في مشهد يجمع بين حيوية الشباب وخبرة الكبار، ليجسدوا معًا معاني المشاركة المجتمعية والتكافل الوطني.
مع تسجيل معدلات مشاركة جيدة، بحسب ما أعلنته الهيئة الوطنية للانتخابات، بدا واضحًا أن المصريين يضعون ثقتهم في الغرفة التشريعية الثانية، لما لها من دور محوري في مراجعة القوانين، وتقييم السياسات العامة، وترسيخ مبادئ الحياة النيابية.
وتأتي هذه المشاركة اللافتة لتؤكد وعي المواطنين، خاصة كبار السن، بأن صوتهم أداة فاعلة في بناء المستقبل، وأن الديمقراطية لا تُبنى بالشعارات بل بالحضور الفعلي في صناديق الاقتراع.
مع انتهاء اليوم الثاني من الانتخابات، يسود المشهد حالة من الترقب للنتائج، وسط إشادة واسعة بمستوى التنظيم، والجهود المبذولة لضمان الشفافية والنزاهة.
وتظل الصورة الأبرز من هذا اليوم، هي مشاهد كبار السن الذين تقدموا الصفوف، وكتبوا بأقدامهم وأصواتهم رسالة وطنية قوية، مفادها أن المشاركة لا تُقاس بالعمر، بل بالانتماء والإيمان بضرورة الاستمرار في بناء الوطن.