الخميس , سبتمبر 4 2025

هل تتحول إدارة الدقي التعليمية إلى ساحة تصفية حسابات

كتب : د. محمد جمال الدين

لم تكن في يوم من الأيام التربية والتعليم مجرد وزارة أو مؤسسة إدارية تؤدي عملاً روتينياً، بل هي الميدان الأسمى الذي تُبنى فيه العقول، وتصاغ فيه القيم، وتُغرس فيه روح الانتماء والمواطنة، كما إن العاملين بالحقل التربوي، معلمين كانوا أو إداريين، هم حُرّاس هذا الميدان ومهندسو المستقبل، وحين يُساء استخدام السلطة في هذا القطاع، فإن الخطر لا يقع على موظف بعينه فحسب، بل يمتد أثره إلى التلاميذ وإلى المجتمع بأسره، إذ يغدو العبث بالعدالة والتعنت والبلطجة سوساً ينخر في صرح التعليم.

 

وفي الآونة الأخيرة تفاقمت الشكاوى داخل إدارة الدقي التعليمية بمديرية التربية والتعليم بالجيزة، من ممارسات السيدة هالة كمال مديرة الإدارة، التي باتت تتعامل مع المعلمين والعاملين بمنطق الانتقام والمحاباة، لا بمنطق العدالة واللوائح، فبينما تمنح امتيازاتها لمقربين لها، تُغدق الجزاءات والعقوبات على من لا مصلحة شخصية يربطهم بها، في تعسف يفتقر إلى الأساس القانوني أو حتى الروح التربوية.

 

وأحدث تلك الوقائع ما تعرض له الأستاذ ماجد فوزي، القائم بأعمال مدير مدرسة أحمد أبو الدهب الإعدادية بنين، الذي فوجئ بقرار مجحف يقضي بخصم ثلاثة أيام من راتبه ونقله إلى مدرسة أخرى، بذريعة “الإخلال بمهام عمله”، والحقيقة أن المذكور ماجد فوزي مشهود له بالكفاءة والانضباط، وقد تولى مهام إدارة المدرسة في فترة إجازة مديرها الأصلي، وقام بتسليمها إلى لجنة امتحانات الشهادة الإعدادية وفق الأصول القانونية، الأمر الذي يجعله بحكم القانون غير مسؤول عن التواجد بالمدرسة في تلك الفترة.

 

ورغم وضوح هذه الحقيقة وتدخل العديد لتوضيحها، أصرت السيدة مديرة الإدارة على موقفها التعسفي، بل امتدت تجاوزاتها إلى التلاعب في كشوف الحضور والانصراف، وهو ما يُعد مخالفة إدارية ومالية صريحة، ويبدو أن وراء هذا التعنت هدفاً خفياً يتمثل في تمهيد الطريق لعودة المدير السابق للمدرسة، الذي كان قد أُبعد بسبب أخطائه، حيث تربطه بها خلافات قديمة ويتبقى له عام واحد فقط قبل بلوغ سن المعاش، تماماً مثلها.

 

إن ما يجري داخل إدارة الدقي التعليمية لم يعد شأناً فردياً، بل صار مسألة تتعلق بسلامة المنظومة الإدارية والتربوية، ويستوجب تدخلاً حازماً من الأستاذ سعيد عطية، وكيل أول وزارة التربية والتعليم بالجيزة لوقف هذا العبث، وردع التجاوزات، وإنصاف المظلومين، فالمناصب القيادية في التعليم ليست إقطاعيات شخصية، بل مسؤوليات وطنية تُبنى على النزاهة والعدل والالتزام بالقانون.

 

إن قيمة التعليم لا تُقاس بعدد المدارس ولا بكم المناهج، بل بعدد القلوب النزيهة والعقول العادلة التي تدير هذا الصرح، فإذا تحول المنصب إلى أداة بطش، وتحولت السلطة إلى سلاحٍ للتنكيل، ضاع جوهر الرسالة التربوية، وعليه فإن إنقاذ الأستاذ ماجد فوزي وأمثاله ليس مجرد إنصاف لمعلم مظلوم، بل هو حماية لهيبة القانون، وصون لكرامة المهنة، وتأكيد على أن التربية والتعليم ستظل رسالة سامية، لا يُسمح بتدنيسها بنزوات شخصية أو حسابات ضيقة.

شاهد أيضاً

زخم بحثي في مهرجان مسرح الشارع بكركوك

كتب : محمد جمال الدين أعلنت إدارة المهرجان الدولي لمسرح الشارع في كركوك عن انتهاء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *