الأربعاء , أكتوبر 15 2025

د. أحمد عمر هاشم.. العالم الذي جمع بين منبر العلم ونور الدعوة

كتبت بوسي عواد

يُعد الدكتور أحمد عمر هاشم واحدًا من أبرز رموز الأزهر الشريف في العصر الحديث، وعلماً من أعلام الفكر الإسلامي الوسطي الذي جمع بين عمق المعرفة ونقاء الروح، وبين الخطابة المؤثرة والعلم الأكاديمي الرصين. كانت حياته رحلة مضيئة بالعطاء في خدمة الدين والوطن، ترك خلالها إرثًا علميًا وروحيًا خالدًا في ذاكرة الأمة.

 

النشأة والتعليم

 

وُلد الدكتور أحمد عمر هاشم عام 1941 بمحافظة الشرقية، في بيئة ريفية أصيلة محبة للقرآن والعلم. حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة، وكان ذلك مفتاح مسيرته نحو الأزهر الشريف، حيث التحق بكلية أصول الدين في جامعة الأزهر، وتخصص في الحديث الشريف وعلومه، ليحصل لاحقًا على درجة الدكتوراه في هذا المجال الذي كرّس له عمره كله.

 

الرحلة العلمية والعملية

 

بدأ مشواره الأكاديمي في جامعة الأزهر مدرسًا للحديث الشريف، ليترقى بعدها في المناصب حتى أصبح رئيسًا لجامعة الأزهر، وهو المنصب الذي مثّل بالنسبة له أمانة كبرى لخدمة رسالة الأزهر ونشر الفكر الوسطي المعتدل.

كان الدكتور هاشم مؤمنًا بأن الأزهر ليس مجرد جامعة، بل مؤسسة عالمية تُعنى ببناء الإنسان علميًا وأخلاقيًا وروحيًا. لذلك، كان دائم الدفاع عن استقلال الأزهر ودوره القيادي في العالم الإسلامي.

 

عالم الحديث والداعية

 

كرّس الدكتور أحمد عمر هاشم حياته لخدمة السنة النبوية الشريفة، فكان أحد أبرز المحدثين في عصره، جمع بين التحقيق الأكاديمي وروح التبليغ والدعوة.

امتازت دروسه في الحديث الشريف بعمق الفهم وبساطة الأسلوب، فكان يشرح المعاني بروحٍ شفافة تُقرب السنة إلى القلوب قبل العقول. كما عُرف بخطبه ومواعظه التي تمزج بين العلم والإحساس الإيماني الصادق، مما جعله محبوبًا من الملايين داخل مصر وخارجها.

 

مواقفه الوطنية والإنسانية

 

لم يكن الدكتور أحمد عمر هاشم عالمًا منعزلًا عن قضايا وطنه، بل كان دائم الحضور في المواقف الوطنية، مؤكدًا أن الإسلام دين حب وسلام، وأن الانتماء للوطن فريضة دينية.

شارك في العديد من اللجان الدينية والبرلمانية، وساهم في صياغة الخطاب الديني المعتدل الذي يحارب التطرف ويحافظ على هوية الأمة.

 

إرثه العلمي والفكري

 

ألف الدكتور هاشم عشرات الكتب التي تناولت علوم الحديث والسنة والسيرة النبوية، من أبرزها: الحديث النبوي ومكانته في التشريع الإسلامي، السنة النبوية في مواجهة التحديات المعاصرة، والإسلام دين الوسطية والاعتدال.

ترك وراءه جيلًا من العلماء والطلاب الذين تتلمذوا على يديه، ونهلوا من علمه وفكره المستنير.

 

الوداع الأخير

 

برحيله، فقدت الأمة الإسلامية أحد كبار علمائها، ورمزًا من رموز الأزهر الشريف الذين حملوا لواء الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة. لكن علمه وأثره سيبقيان خالدين، يُضيئان دروب الباحثين عن الحق والرحمة والاعتدال.

 

رحم الله الدكتور أحمد عمر هاشم، فقد عاش عالمًا جليلًا، ومات وقد ترك بصمة لا تُمحى في تاريخ الأزهر والدعوة الإسلامية.

شاهد أيضاً

مجلس النواب.. وتطور الحياة النيابية في مصر

كتب مصطفى قطب يُعد مجلس الشعب المصري، الذي تحول لاحقًا إلى مجلس النواب، أحد أبرز …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *