كتب مصطفى قطب
يبقى السادس من أكتوبر عام 1973 يومًا محفورًا في ذاكرة الأمة المصرية والعربية، يومًا استعاد فيه المصريون كرامتهم وكتبوا بأحرف من نور واحدة من أعظم صفحات التاريخ العسكري الحديث. لم يكن نصر أكتوبر مجرد عبور لقناة السويس، بل كان عبورًا من الهزيمة إلى الأمل، ومن الانكسار إلى المجد، ومن الظل إلى الشمس.
في تمام الثانية ظهرًا، انطلقت صيحات التكبير تعانق صوت المدافع، وتقدمت موجات من الأبطال تعبر قناة السويس تحت غطاء ناري محكم، حطّم أسطورة “الجيش الذي لا يُقهر”. على ضفتي القناة، كان الإصرار أقوى من السلاح، وكانت الإرادة المصرية تكتب ملحمة لا تُنسى، عنوانها الشجاعة والكرامة.
جاء النصر ثمرة تخطيط دقيق وإيمان لا يتزعزع. فبعد سنوات من الإعداد، استطاع الجيش المصري أن يفاجئ العالم كله بعبقرية عسكرية غير مسبوقة، مستخدمًا أدوات بسيطة لكنها مشحونة بروح لا تُقهر. لقد تحولت الرمال إلى دروع، والمياه إلى طريق نحو النصر، والجنود إلى أسطورة خالدة.
لم يكن السادس من أكتوبر انتصارًا عسكريًا فحسب، بل كان ميلادًا جديدًا لمصر. أزال غبار الهزيمة عن وجه الوطن، وأعاد الثقة في أن الإرادة قادرة على صنع المستحيل. إنه اليوم الذي أثبت أن مصر لا تنكسر، وأن جيشها هو درعها الواقي وسندها الدائم.
ومع مرور الأعوام، يظل السادس من أكتوبر رمزًا للفخر، ومدرسة تتعلم منها الأجيال معنى الانتماء والتضحية. ففي كل احتفال، وفي كل علم يُرفع، وفي كل جندي يقف حارسًا على الحدود، يعيش صدى تلك اللحظة التي قالت فيها مصر للعالم: “نحن هنا.. ولن ننحني أبدًا.”