الأربعاء , أغسطس 13 2025

الأرصاد: ارتفاع درجات الحرارة و “المنخفض الآسيوي” يشتعل فوق مصر

كتبت ليلي مصطفى

في خضم موجات الحر التي تضرب البلاد، ووسط تساؤلات المواطنين حول أسباب هذا الطقس اللاهب، خرجت هيئة الأرصاد الجوية المصرية لتكشف الستار عن العوامل الجوية المعقدة التي تقف وراء ارتفاع درجات الحرارة، خصوصًا في فصل الصيف، مؤكدة أن ما نشهده ليس مجرد ارتفاع موسمي، بل نتيجة تأثيرات مناخية إقليمية ودولية مترابطة.

 

ووفقًا للهيئة، فإن فصل الصيف في مصر يشهد سنويًا امتدادًا لعدد من المنخفضات الجوية الكبرى التي تُحدث تغيّرات دراماتيكية في الطقس، وأبرزها منخفض الهند الموسمي، ومنخفض السودان الحراري، فضلًا عن عوامل الرطوبة القادمة من البحر المتوسط.

 

بدأ بيان الهيئة بتوضيح أن بداية فصل الصيف، خاصة في شهر يونيو، تتزامن مع نشوء وامتداد ما يُعرف بالمنخفض الهندي الموسمي، وهو منخفض ضخم ينشأ فوق جنوب آسيا نتيجة للحرارة الشديدة المتجمعة على اليابسة، ويصل تأثيره حتى شبه الجزيرة العربية وشرق البحر المتوسط.

 

ومع اتساع هذا المنخفض نحو الغرب، يصل تأثيره إلى الأراضي المصرية، فيندفع هواء شديد الحرارة والجفاف نحو مصر من الشرق، وتبدأ درجات الحرارة بالارتفاع تدريجيًا لتبلغ ذروتها خلال شهري يوليو وأغسطس.

 

لكن المنخفض الهندي ليس وحده المسؤول. فقد أوضحت الهيئة أن هناك عاملًا إضافيًا يُعزز موجات الحر وهو منخفض السودان الحراري، الذي ينشأ جنوبًا ويتصل بالمنخفض الآسيوي ليكوّنا معًا نظامًا حراريًا ضخمًا يعمل على نقل الكتل الهوائية الساخنة شمالًا باتجاه مصر وبلاد الشام.

 

وعند تداخل المنخفضين، تنشأ موجات حارة قوية تُسيطر على معظم مناطق البلاد، وتستمر لأيام أو أسابيع، وتختلف في حدتها حسب امتداد المنخفض وسرعة الرياح المصاحبة له.

 

لكن ما يجعل الحرارة في شمال مصر أكثر قسوة، رغم أن درجات الحرارة قد تكون أقل من الجنوب، هو الرطوبة النسبية المرتفعة. حيث تمر الكتل الهوائية القادمة من الشرق عبر البحر المتوسط، فتكتسب معها كميات كبيرة من بخار الماء.

 

وما أن تصل هذه الكتل إلى محافظات الوجه البحري والقاهرة والساحل الشمالي، يتصاعد الشعور بالحرارة والرطوبة، ويشعر السكان بإجهاد شديد، خاصة مع انخفاض حركة الهواء.

 

ووصفت الهيئة هذا التأثير بقولها: “رغم أن درجات الحرارة المُسجلة قد لا تكون الأعلى، إلا أن الرطوبة تجعل الإحساس بها أكثر قسوة من موجات الربيع الجافة”.

 

أما في محافظات الصعيد، فقد أوضحت هيئة الأرصاد أن الوضع يختلف جذريًا، إذ أن الهواء القادم من شبه الجزيرة العربية يمر على اليابسة، وليس على المسطحات المائية، ما يجعله جافًا للغاية رغم ارتفاع حرارته.

 

وهذا ما يفسر شعور سكان الصعيد بالحرارة الشديدة نهارًا، لكن دون إحساس خانق بالرطوبة كما في الدلتا والسواحل، وهو ما وصفته الهيئة بـ”فضل من الله”، حيث إن الجفاف يقلل من التأثير الفعلي على الجسم مقارنة بالرطوبة العالية.

 

ورغم أن الموجات الحارة تعتبر طبيعية في هذا الوقت من العام، فإن الهيئة حذّرت من أن حدة هذه الظواهر آخذة في التزايد بفعل تغير المناخ العالمي، مشيرة إلى أن الارتفاعات غير المسبوقة في درجات الحرارة بدأت تصبح أكثر تكرارًا، وأطول من حيث المدة.

 

ودعت المواطنين إلى اتخاذ احتياطات الطقس الحار، والبقاء في أماكن جيدة التهوية، وشرب كميات كافية من المياه، وتجنب التعرض المباشر لأشعة الشمس، خاصة بين الساعة 12 ظهرًا و4 عصرًا، وهي الفترة التي تسجل أعلى درجات حرارة خلال اليوم.

 

بالتزامن مع البيانات الصادرة من هيئة الأرصاد، أصدرت وزارة الصحة والسكان عدة إرشادات وقائية للحفاظ على برودة الجسم خلال هذه الموجات، تضمنت:

 

تجنب الخروج من المنزل إلا للضرورة.

 

ارتداء ملابس قطنية فاتحة اللون.

 

تناول المياه والسوائل بكثرة.

 

استخدام المظلات والنظارات الشمسية عند الخروج.

 

تجنب المشي تحت أشعة الشمس الحارقة.

 

كما نصحت الوزارة بمراقبة كبار السن والأطفال الذين يُعدون الأكثر عرضة للإجهاد الحراري.

 

واختتمت هيئة الأرصاد بيانها بالتأكيد على أن فهم طبيعة المنخفضات الجوية ومصادر الهواء يساعد كثيرًا في تفسير التغيّرات التي تحدث سنويًا في الطقس، ويساهم في تعزيز الوعي البيئي والمناخي لدى المواطنين.

 

فالصيف المصري لم يعد كما كان، والموجات الحارة صارت أكثر تعقيدًا من مجرد “طقس ساخن”، بل أصبحت جزءًا من منظومة مناخية عالمية يجب متابعتها وفهمها والتعامل معها بوعي واحتياط.

شاهد أيضاً

الأزهر وبوروندي.. شراكة علمية ودعوية لتعزيز الوسطية وبناء القدرات الدينية

كتبت بوسي عواد استقبل فضيلة الإمام الأكبر أ.د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، اليوم الاثنين، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *