كتبت بوسي عواد
في خطوة استراتيجية لتعزيز مستقبل الطاقة في مصر، بدأ الدكتور محمود عصمت، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، زيارته الرسمية إلى جمهورية الصين الشعبية للمشاركة في فعاليات مؤتمر شنغهاي للطاقات المتجددة وحلول الطاقة النظيفة، والذي يعد واحدًا من أبرز التجمعات الدولية المتخصصة في مجال الطاقة المستدامة.
وعقب وصوله مباشرة إلى مدينة شنغهاي، عقد الوزير عددًا من اللقاءات الثنائية المهمة مع قيادات كبرى الشركات الصينية العاملة في مجالات تصنيع مهمات الطاقة ونقل التكنولوجيا، في إطار الدبلوماسية الاقتصادية التي تنتهجها مصر لدعم خططها الاستراتيجية للتحول إلى مركز إقليمي للطاقة.
كان في مقدمة هذه اللقاءات، الاجتماع المثمر الذي جمع الدكتور محمود عصمت مع جيمس ورئيس مجلس الإدارة، وتومبسون مينج نائب رئيس مجلس إدارة مجموعة “SUNGROW”، إحدى أكبر الكيانات العالمية في قطاع الطاقة المتجددة.
تطرّق اللقاء إلى بحث سبل التعاون والشراكة المستقبلية، حيث تم استعراض إمكانيات الشركة الصينية في تصنيع مهمات الطاقة المتجددة، وأجهزة التحكم، وأنظمة إدارة الطاقة، وبطاريات التخزين، بالإضافة إلى الشواحن الكهربائية الذكية.
ناقش الطرفان آلية نقل التكنولوجيا إلى السوق المصري، وسبل توطين صناعة بطاريات تخزين الطاقة ومهمات الطاقة الشمسية داخل مصر، عبر إقامة مصنع متكامل بالتعاون مع “SUNGROW”.
وتأتي هذه الخطوة في إطار تنفيذ استراتيجية مصر للطاقة 2035، التي ترتكز على زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، وتقليل الانبعاثات الكربونية، وتحقيق أقصى استفادة من الموارد الطبيعية، لا سيما الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
وأكد الوزير عصمت خلال اللقاء أن مصر، بما تمتلكه من بنية تحتية قوية وموقع جغرافي استراتيجي، أصبحت مؤهلة لتكون مركزًا صناعيًا وتكنولوجيًا لتجميع وتصنيع معدات الطاقة المتجددة، بما يخدم السوق المحلي ويتيح التصدير إلى الدول المجاورة وأفريقيا.
وأشار الوزير إلى أن الاستثمار في توطين هذه الصناعة لا يساهم فقط في تعزيز أمن الطاقة، بل يدعم أيضًا التنمية الاقتصادية وخلق فرص عمل جديدة، كما يساهم في خفض تكلفة مشروعات الطاقة المتجددة عبر التصنيع المحلي.
من بين أهم الملفات التي ناقشها الطرفان:
إقامة خطوط إنتاج محلية لصناعة بطاريات تخزين الطاقة.
دعم البحث العلمي والتطوير المشترك بين الجانبين.
توفير برامج تدريب وتأهيل للمهندسين المصريين.
إدخال أنظمة التحكم الذكي في الشبكات القومية.
دعم مشروعات المدن الخضراء ومبادرات الكهرباء النظيفة.
وقد لاقت اللقاءات اهتمامًا واسعًا من الأوساط الصينية، التي عبّرت عن ترحيبها بالتعاون مع مصر في ظل ما تشهده من استقرار اقتصادي ونمو مستدام في قطاع الطاقة.
وأكد مسئولو شركة “SUNGROW” رغبتهم في المضي قدمًا نحو تنفيذ مشاريع فعلية على أرض الواقع، لا سيما بعد نجاح مصر في جذب استثمارات متعددة في مجال الطاقة المتجددة خلال السنوات الأخيرة.
وفي ختام اليوم الأول من الزيارة، أشار الوزير إلى أن الوزارة ستواصل تنسيقها مع الشركات الصينية والعالمية من أجل تحقيق نقلة نوعية في التصنيع المحلي لمهمات الطاقة، ضمن خطة الدولة للتحول نحو الاقتصاد الأخضر.
كما لفت إلى أن إنشاء مصنع بطاريات التخزين في مصر سيوفر دعمًا مهمًا لمشروعات الطاقة الشمسية المنزلية والمزارع الذكية ومحطات التحلية، والتي تحتاج إلى حلول تخزين فعّالة.
وجه الوزير دعوة مفتوحة لجميع المستثمرين المحليين والدوليين للمشاركة في هذه المرحلة الجديدة من توطين الصناعات الاستراتيجية في قطاع الطاقة، مؤكدًا أن الحكومة تقدم كافة التسهيلات للمشروعات التي تندرج تحت بند التكنولوجيا النظيفة والتصنيع الأخضر.
زيارة وزير الكهرباء إلى الصين، ولقاءاته المكثفة بقيادات شركات الطاقة المتجددة، تعكس جدية الدولة المصرية في تعزيز قدراتها التكنولوجية وتوطين الصناعات المرتبطة بمستقبل الطاقة.
إنها ليست مجرد زيارة رسمية، بل خطوة مدروسة على طريق الريادة الإقليمية، ورسالة واضحة بأن مصر تستعد لقيادة التحول نحو طاقة نظيفة ومستقبل مستدام.