كتب مصطفى قطب
في خطوة تعكس وعيًا متناميًا بأهمية الهوية الوطنية والدينية في منظومة التعليم، استقبل فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، اليوم الاثنين ٤ أغسطس ٢٠٢٥، السيد محمد عبد اللطيف، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، بمشيخة الأزهر، في لقاء رفيع ناقش ضرورة استعادة المدرسة الحكومية مكانتها التاريخية، وسبل الارتقاء بالمحتوى التعليمي المتعلق بالتربية الدينية واللغة العربية.
رحّب فضيلة الإمام الأكبر بالوزير، مثمِّنًا توجه وزارة التربية والتعليم إلى إعادة الاعتبار لمادتي التربية الدينية واللغة العربية داخل المناهج الدراسية. وأكّد فضيلته أن هاتين المادتين تمثلان العمود الفقري لترسيخ الهوية العربية وتعزيز الانتماء الوطني، فضلًا عن دورهما الحيوي في بناء منظومة قيمية وأخلاقية مستقرة لدى الطلاب.
وشدَّد شيخ الأزهر على أن التعليم لا يقتصر على نقل المعرفة فقط، بل يشمل أيضًا غرس المبادئ، محذرًا من خطورة توجه بعض النخب المجتمعية إلى إلحاق أبنائهم بالمدارس الأجنبية والدولية، مما قد يؤدي، على المدى البعيد، إلى تغريب الأجيال الجديدة وتشكيل وعيها بمعزل عن ثقافتها الأصلية وقيمها الروحية. وأشار فضيلته إلى أن بعض هذه المدارس تحمل بين طياتها أجندات ثقافية وسلوكية غريبة عن المجتمع المصري، بل ومرفوضة دينيًا وأخلاقيًا، داعيًا إلى ضرورة دعم المدرسة الحكومية والاعتناء بمستواها الأكاديمي والتربوي حتى تستعيد ثقة أولياء الأمور.
وأكد فضيلة الإمام الأكبر أن “احترام المعلم والمدرسة يجب أن يكون أولوية وطنية، فبدون مدرسة حكومية قوية ومعلم قدوة لن يتحقق استقرار تربوي أو أمني أو مجتمعي”، مضيفًا أن مؤسسة الأزهر على أتم الاستعداد لدعم جهود وزارة التربية والتعليم في هذا الاتجاه، سواء من خلال التعاون في المناهج أو توفير الكوادر المؤهلة.
من جهته، أعرب وزير التربية والتعليم عن سعادته بلقاء الإمام الأكبر، مشيدًا بدور الأزهر الشريف في ترسيخ منهج الإسلام الوسطي ونشر القيم الأخلاقية السليمة. وأكد الوزير أن الوزارة تبذل جهودًا حثيثة بالتعاون مع الأزهر الشريف من أجل تعزيز تدريس مادة التربية الدينية في المدارس، مستعينين بمعلمي الأزهر المنتشرين في ربوع الجمهورية، لما لهم من قدرة على إيصال المفاهيم الدينية بصورة تربوية واعية.
وأوضح الوزير أن الوزارة تعمل على عودة المدرسة إلى أداء رسالتها التربوية والتعليمية الشاملة، بما يشمل تعزيز احترام القيم والهوية في نفوس الطلاب، مشيرًا إلى أن تطوير المناهج يشمل أيضًا العمل على جعل اللغة العربية مادة محورية في العملية التعليمية، وليس مجرد مادة امتحانية.
واختُتم اللقاء بالتأكيد على أهمية استمرار التعاون المؤسسي بين الأزهر الشريف ووزارة التربية والتعليم، وتشكيل لجان مشتركة لضمان استمرارية التنسيق في قضايا التربية الدينية وتعزيز الهوية الوطنية، في وقت تشهد فيه المجتمعات تحديات متزايدة تستهدف منظوماتها القيمية والتربوية.
هذا اللقاء ليس مجرد اجتماع بروتوكولي، بل يمثل خطوة استراتيجية تستهدف استعادة المدرسة المصرية لهيبتها، وبناء أجيال تعتز بثقافتها وتنتمي لهويتها، وترفض التبعية والتغريب تحت أي مسمى.