السبت , نوفمبر 1 2025
أخبار عاجلة

المتحف المصري الكبير يفتح أبوابه ليكشف أسرار مراكب خوفو الأسطورية”

كتبت بوسي عواد

في مشهد أسطوري يليق بحضارة تمتد لآلاف السنين، تتجه أنظار العالم، اليوم، نحو أرض الكنانة، حيث يشهد فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي افتتاح المتحف المصري الكبير، في حدث يوصف بأنه الافتتاح الثقافي الأهم في القرن الحادي والعشرين، بمشاركة غير مسبوقة من ملوك وأمراء ورؤساء دول، يعكس المكانة الفريدة لمصر كعاصمة للتاريخ والحضارة الإنسانية.

 

وسط أجواء ساحرة عند أقدام الأهرامات، يتحول المتحف المصري الكبير إلى منصة عالمية تجمع الماضي بالحاضر، وتُعيد سرد قصة مصر القديمة من خلال أكثر من 100 ألف قطعة أثرية تغطي سبعة آلاف عام من تاريخ الإنسانية، بداية من عصور ما قبل الأسرات وحتى العصور اليونانية والرومانية.

 

يتوقف العالم بانبهار أمام مركبي الملك خوفو، المعروفتين باسم مراكب الشمس، واللتين تُعدّان من أعظم الاكتشافات الأثرية في القرن العشرين.

المركب الأولى، التي اكتشفها العالم كمال الملاخ عام 1954، بعد أن ظلت مدفونة لأكثر من خمسة آلاف عام، صُنعت من خشب الأرز اللبناني، بطول 43 مترًا ووزن يقارب 45 طنًا. كانت هذه المركب شاهدة على عظمة الفراعنة، ودقة علمهم في بناء السفن، حيث رُتبت أجزاؤها البالغة 6500 قطعة بعناية مذهلة، لتروي قصة عبقرية المصري القديم في الهندسة والفكر والروحانية.

 

أما المركب الثانية، والتي اكتشفت حفرتها بجوار الأولى، فقد أصبحت رمزًا للتعاون المصري الياباني، بعد أن قادت بعثة علمية مشتركة واحدة من أعقد عمليات الترميم في العالم. نُقلت أخشابها، البالغ عددها نحو 1698 قطعة خشبية، إلى المتحف المصري الكبير لتخضع لعمليات الترميم الدقيقة قبل عرضها للجمهور قريبًا، في تجربة متحفية فريدة تجمع بين العلم والتاريخ والإبهار البصري.

 

المتحف المصري الكبير، الذي يُعد أكبر متحف للحضارة الواحدة في العالم، بُني على مساحة تتجاوز نصف مليون متر مربع، ويتضمن سبعة مداخل رئيسية، منها مدخل مهيب لكبار الزوار يُفضي إلى البهو العظيم، الذي يضم تمثال الملك رمسيس الثاني، محاطًا بقطع أثرية نادرة تحاكي رحلة الإنسان عبر الزمن.

 

ولأن مصر لم تترك شيئًا للصدفة، فقد جُهّز المتحف بأحدث التقنيات العالمية في العرض والإضاءة والوسائط التفاعلية، ليعيش الزائر تجربة غامرة بين الأصالة والحداثة، بين عبقرية المصري القديم وتطور الإنسان المعاصر.

 

يشارك في هذا الحدث التاريخي 79 وفدًا رسميًا، بينهم 39 وفدًا برئاسة ملوك وأمراء ورؤساء دول، إضافة إلى رؤساء منظمات دولية كبرى مثل الأمم المتحدة، الاتحاد الإفريقي، ومنظمة التعاون الإسلامي، في مشهد يجسد تقدير العالم لمصر ودورها الريادي كجسر حضاري بين الشرق والغرب.

 

وقد وصفت منظمة اليونسكو المتحف بأنه “جسر يربط بين التاريخ والحداثة”، بينما أكدت المؤسسات السياحية العالمية أن افتتاحه يمثل نقطة تحول كبرى في خريطة السياحة الثقافية، ويعزز مكانة مصر كوجهة أولى لعشاق التاريخ والتراث الإنساني.

 

بافتتاح المتحف المصري الكبير، لا تكتفي مصر بعرض ماضيها المشرق، بل تقدم رسالة للعالم مفادها أن الحضارة لا تموت، وأن أرض الفراعنة ما زالت قادرة على الإبداع والقيادة وصناعة الدهشة.

 

من أمام أهرامات الجيزة، حيث يتقاطع ضوء الشمس مع ظلال التاريخ، تُعيد مصر كتابة حكايتها الخالدة، وتفتح للعالم نافذة على أسرارها التي لا تنتهي، لتؤكد أن الخلود ليس مجرد فكرة… بل هو مصر نفسها.

شاهد أيضاً

التعليم تطلق مبادرة وطنية لتعزيز الوعي الحضاري بين الطلاب تزامنًا مع افتتاح المتحف المصري الكبير

كتبت بوسي عواد في خطوة تعكس إيمان الدولة العميق بدور التعليم في بناء الهوية الوطنية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *