الأربعاء , يونيو 4 2025

رفيق الروح.. الغائب الذي لا يغيب

كتبت بوسي عواد

في عالمٍ يمتلئ بالعابرين، هناك حضورٌ لا يُرى، ولا يُلمس، لكنه يسكن القلب كما يسكن النَفَسُ الرئتين… إنه رفيق الروح.

 

رفيق الروح ليس بالضرورة من يسير معك على درب الحياة، ولا من يشاركك المقعد أو الحديث أو المناسبات. بل هو من يسكن داخلك في صمت، في العمق الذي لا يراه أحد. ذاك الكائن الغامض الذي يشبهك دون أن يكون نسخةً منك، ويخالفك دون أن يتنافر معك. هو التوأم الروحي الذي تسمعه في داخلك حتى حين يصمت، وتشعر به يربّت على وجعك دون أن يراك أحد.

 

تتحدث معه دون كلمات، وتفهمه بلا شرح، وتشتاقه حتى وهو أمامك، وتحنّ إليه حتى من دون أن يغيب. هو مرآتك التي لا تجاملك، بل تصدقك حين تخدع نفسك، وتحتضنك حين لا تجد ملجأ. في حضرته، تسقط الأقنعة، وتنجلي الضوضاء، ويبقى فقط صوت الروح.

 

رفيق الروح لا يحتاج لأن يطرق بابك، لأنه جزء منك… يعبر إليك كما تعبر الذكرى، ويلمُسك كما يلمس الضوء وجدانك. هو ذاك الذي حين تغيب عنه، تشعر وكأنك قد غبت عن نفسك.

 

هو الحضور الذي لا تُعرّفه المسافات، ولا تُفسده الأيام. هو الحنين في غياب السبب، والدفء في لحظة الوحدة، والنور في ظلمة الحيرة.

 

إنه ليس أحدًا تختاره، بل أحد يختارك من حيث لا تدري… فيغدو جزءًا من كيانك، ويبقى فيك ما بقيت.

 

رفيق الروح هو النعمة الصامتة، الهدية التي لا تُلف، والرسالة التي تأتيك حين تحتاجها. فلا تبحث عنه في الزحام، بل اصغِ لقلبك… لعله كان هناك طوال الوقت.

شاهد أيضاً

تبدأ الحكاية .. حين يتحدث الذوق وتتجلى الرجولة

كتبت بوسي عواد في زمنٍ باتت فيه المفاهيم تلتبس على الكثيرين، تبرز حقيقة خالدة لا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *