مصطفي قطب
في زمن اختلطت فيه المعايير، لم تعد البهيمية محصورة في الحيوان الأعجم، بل امتدت إلى سلوكيات بعض البشر الذين تنازلوا عن أعزّ ما يملكون: الوعي والرحمة والضمير. وحين تُهيمن “الأفكار البهائمية” على العقول، يصبح الإنسان أسيرًا لشهواته، غافلًا عن القيم، مجرد جسد يتحرك بلا روح.
ما المقصود بالأفكار البهائمية؟
الأفكار البهائمية هي تلك التي:
تنبع من الغرائز البدائية فقط دون وعي أو تفكير.
تُقصي العقل وتغيب الضمير.
تُعلي من الأنانية والرغبة وتُهمّش المبادئ والأخلاق.
فمن يسعى للسيطرة، أو الإذلال، أو الإيذاء لأجل اللذة أو المصلحة، دون مراعاة لإنسانية الآخرين، إنما يُشبه الحيوان، لا في براءته، بل في غرائزه العمياء.
مظاهر الفكر البهيمي في واقعنا
1. العنف من أجل التفوق: حين يظن البعض أن القوة وحدها تصنع الحق، ويُبرر القسوة والظلم بإسم “البقاء للأقوى”.
2. استعباد الجسد: عندما تُصبح العلاقات مبنية على الشهوة فقط، دون احترام أو تقدير، يغيب فيها الحب ويحلّ محله الاستهلاك.
3. الجشع والطمع: فكر بهيمي يرى في المال هدفًا، لا وسيلة، ويأكل من حقوق الضعفاء دون أدنى إحساس بالذنب.
4. غياب التفكير النقدي: حين يُتبع الناس القطيع، دون سؤال أو بحث عن الصواب، كما تسير البهائم خلف من يقودها.
لماذا تُعتبر هذه الأفكار خطيرة؟
لأنها تُفسد المجتمع، وتُقلل من قيمة الإنسان، وتُعيدنا إلى عصور الغاب. فالمجتمع لا يُبنى بالقوة فقط، بل بالعدل، والتفاهم، والتراحم. وعندما تتراجع القيم أمام الغرائز، ينهار كل ما هو حضاري.
بإحياء الضمير، فغياب الضمير أصل كل بهيمية.
بالتربية الواعية التي تزرع في الإنسان احترام الآخر.
بالفكر الحرّ الذي لا يخضع للغرائز ولا ينقاد للتضليل.
وبإعلاء القيم في كل مكان: في البيت، في المدرسة، في الإعلام.
الإنسان ليس حيوانًا ناطقًا فقط؛ بل كائن مسؤول، يملك العقل والاختيار. والأفكار البهائمية، حين تستوطن العقول، تُسقط البشر من عليائهم، وتجعلهم كمن قال الله فيهم:
لنحذر من السقوط في هاوية اللاوعي، ولنُحافظ على ما يميزنا: الكرامة، والعقل، والرحمة.