كتبت بوسي عواد
في خطوة استراتيجية نحو تطوير منظومة التعليم العالي وربطها بالمتغيرات المهنية والعلمية الحديثة، وافق مجلس الوزراء خلال اجتماعه الأخير على مشروع قرار رئيس مجلس الوزراء بتعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972، وذلك فيما يتعلق بالأحكام المنظمة لكليات الصيدلة في الجامعات المصرية.
وتأتي هذه التعديلات في سياق رؤية شاملة لتحديث التعليم الصيدلي في مصر، بما يجعله على قدم المساواة مع باقي كليات القطاع الصحي من جهة، وبما يتماشى مع المتغيرات الدولية ومتطلبات سوق العمل من جهة أخرى. وتُعد هذه الخطوة بمثابة انطلاقة جديدة لإعداد صيادلة أكثر كفاءة وتخصصًا، بما يلبي احتياجات القطاع الصحي والدوائي داخل مصر وخارجها.
شملت التعديلات مجموعة من البنود الجوهرية التي تهدف إلى:
إدخال برامج تدريبية تطبيقية في مواقع العمل الصيدلي كجزء أساسي من متطلبات التخرج، مما يعزز من كفاءة الخريجين ويُكسبهم المهارات العملية الواقعية.
إعادة هيكلة المناهج الدراسية لتتضمن أحدث المفاهيم العلمية في مجالات الصيدلة الإكلينيكية، والتكنولوجيا الصيدلية، والرعاية الصحية.
الربط بين التعليم والقطاع الصناعي من خلال توسيع التعاون مع شركات الأدوية والمراكز البحثية.
مواءمة اللوائح مع القانون الجديد رقم 90 لسنة 2025، والذي جاء ليُعدل بعض أحكام القانون رقم 127 لسنة 1955 بشأن مزاولة مهنة الصيدلة، وهو ما يستدعي تحديث الإطار الأكاديمي والتنظيمي للدرجات العلمية ذات الصلة.
ويُعد هذا القرار نقطة تحول فارقة في فلسفة التعليم الصيدلي بمصر، حيث ينتقل النظام من التركيز النظري إلى الدمج العملي والتطبيقي، بما يُعزز من جاهزية الصيادلة الجدد للعمل في بيئات متنوعة تشمل المستشفيات، والصيدليات، ومصانع الدواء، والهيئات الرقابية.
كما يُلبي القرار تطلعات الخريجين في الانخراط المباشر بسوق العمل المحلي والدولي، من خلال منحهم مؤهلات ومهارات تعتمد على أساليب تعليم تفاعلية متطورة ومعايير أكاديمية عالمية.
وقد لاقى القرار ترحيبًا واسعًا في الأوساط الأكاديمية والمهنية، حيث أكد العديد من الأساتذة والخبراء أن هذه التعديلات ستُحدث طفرة في مستوى خريجي كليات الصيدلة، وستدعم دورهم الحيوي في المنظومة الصحية.
كما أشاد الخبراء بدمج مفاهيم مثل “الرعاية الصيدلية” و”الصيدلة الإكلينيكية” في مناهج الدراسة، وهي تخصصات تحظى بأهمية متزايدة عالميًا، وتسهم في رفع جودة الخدمات الصحية المقدمة للمرضى.
تمثل هذه التعديلات نقلة نوعية في مسار التعليم الصيدلي بمصر، وتُجسد توجه الدولة نحو ربط مخرجات التعليم بمتطلبات التنمية وسوق العمل. وهي خطوة من شأنها تعزيز تنافسية خريجي كليات الصيدلة المصرية إقليميًا ودوليًا، وتؤكد حرص الحكومة على الارتقاء بالقطاع الصحي من بوابة التعليم.