كتبت بوسي عواد
في طفرة علمية جديدة تفتح أبواب الأمل أمام آلاف الأطفال المصابين بأمراض القلب، كشف الدكتور أنطوان فخري عبد المسيح، أستاذ مساعد طب الأطفال بـكلية طب القصر العيني، عن تقنية متطورة تُعرف بـ”تقنية تتبع بقع الدم”، تمثل نقلة نوعية في تشخيص أمراض القلب لدى الأطفال، وقد تُحدث ثورة حقيقية في عالم الطب الوقائي.
جاء ذلك خلال مداخلة للدكتور أنطوان فخري في برنامج “هذا الصباح” على شاشة “إكسترا نيوز”، حيث أوضح أن هذه التقنية تمكن الأطباء من تتبع حركة جزيئات الدم داخل القلب بدقة غير مسبوقة، ما يُمكّن من فهم أكثر عمقًا لكيفية عمل القلب وخاصة البطينين الأيمن والأيسر.
بعكس الطرق التقليدية التي تكتفي برصد تدفق الدم بشكل عام، تتيح تقنية تتبع بقع الدم رؤية الحركة الدوامية للدم داخل البطينات، وهي ما يُطلق عليها اصطلاحًا “دوامة القلب”، مشيرًا إلى أن هذه الدوامة تمتلك خصائص حيوية يمكن تحليلها للتمييز بين الحركات الطبيعية والمرضية للدم.
وأضاف أن اختلال هذه الدوامة يمكن أن يكون مؤشرًا مبكرًا على اعتلال عضلة القلب، وهو ما يُتيح للطبيب التدخل في مراحل مبكرة للغاية، قبل أن تتفاقم الحالة أو تظهر الأعراض الإكلينيكية الخطيرة.
كما ألقى الدكتور أنطوان الضوء على مؤشر جديد يُستخدم حاليًا في تشخيص أمراض القلب الدقيقة، يُعرف بـ”مؤشر الإجهاد بعد الانقباض”، الذي يُقاس بعد أن تنقبض عضلة القلب وتُغلق الصمامات.
وأوضح أن أي انقباض لعضلة القلب بعد إغلاق الصمامات يُعد غير فعال، ولا يساهم في ضخ الدم بشكل سليم، بل قد يكون دليلًا على خلل وظيفي، وهو ما يمكن رصده عبر هذا المؤشر الجديد بدقة. وبالتالي يُساعد هذا القياس في تحديد مدى كفاءة عضلة القلب ومدى استجابتها، ما يُساهم في تحسين دقة التشخيص وخطة العلاج.
يُعد التشخيص المبكر أمرًا حاسمًا في أمراض القلب، خصوصًا لدى الأطفال، حيث تكون العضلة القلبية في طور النمو والتطور، والتدخل المبكر يُجنّب المريض مضاعفات مزمنة أو الحاجة إلى تدخلات جراحية كبرى لاحقًا.
وأكد الدكتور أنطوان أن هذه التقنية الجديدة، إضافة إلى المؤشرات الحديثة، تمثل قفزة علمية في متابعة أمراض القلب الوراثية والمكتسبة عند الأطفال، وستُسهم بشكل كبير في تقليل معدلات الوفاة والإعاقة القلبية على المدى الطويل.
“بقعة دم” كانت يومًا ما رمزًا للمرض، أصبحت اليوم أداة للحياة والإنقاذ، بفضل تقدم التكنولوجيا الطبية والتشخيص المبكر.
وتبقى هذه الإنجازات شهادة حقيقية على أن العلم لا يتوقف، وأن قلب طفل واحد يستحق كل هذا الجهد.