السبت , أغسطس 9 2025

التعليم الأزهري .. استثمار في الدنيا والآخرة 895

بقلم / د. محمد جمال الدين

أنعم الله على مصر نعمة عظيمة، وهي الأزهر الشريف، هذه المؤسسة العريقة التي حافظت على ديننا ولغتنا في وجه التحديات على مر العصور، إذ أدرك الحكماء والعقلاء قيمة الأزهر، فذكروه بما يستحق من إجلال، فهذا أمير الشعراء أحمد شوقي يقول:

ظُلُمَاتٌ لَا تَرَى فِيهَا

غَيْرَ هَذَا الْأَزْهَرِ السَّمْحِ شِهَابَا

قَسَمًا لَوْلَاهُ مَا بَقِيَ بِهَا أَحَدٌ

يَقْرَأُ أَوْ يَدْرِي الْكِتَابَا

 

فالأزهر لم ولن يكون مجرد مبنى، بل هو رسالة ودور عظيم، ودعمنا لهذه الرسالة يتجسد في أهم صور الدعم، وهو تشجيع أبنائنا وبناتنا على الإلتحاق به والدراسة فيه، راجين أن يجعلهم الله من علمائه، وأن يكونوا لنا ذخراً وصدقة جارية تنفعنا في دنيانا وآخرتنا.

 

قد يتساءل البعض عن الفوائد المباشرة من هذا النوع من التعليم، وهنا نقول أن الفوائد تكاد لا تحصى، منها تكامل المعرفة فالتعليم الأزهري يجمع بين العلوم الدينية كالفقه والحديث والتفسير والعلوم الثقافية كالعلوم والرياضيات، مما يمنح الطالب ثقافة متكاملة متوازنة، علاوة على تربية الأبناء على التقوى، إذ يساعد هذا التعليم الأبوين على تنشئة أبنائهم تنشئة طيبة قائمة على التقوى والصلاح، ويحصنهم من أي أفكار دخيلة قد تتنافى مع شرعنا الحنيف، خاصة في ظل التطور التكنولوجي التسارع، بالإضافة إلى تنوع التخصصات، فجامعة الأزهر تفتح أبوابها لمختلف التخصصات، فإلى جانب الكليات الشرعية، توجد كليات للطب والهندسة والصيدلة والتجارة وغيرها، مما يتيح للطالب الأزهري فرصة الالتحاق بأي مجال يرغب فيه، والأهم في هذا العصر هو حفظ الأخلاق، إذ أن نظام فصل البنين عن البنات في المراحل الإعدادية وما بعدها هو عامل أساسي يساعد على حفظ أخلاق الشباب في هذه المرحلة العمرية الحرجة، وهذه الممارسة موجودة في العديد من دول العالم، مما يؤكد أهميتها.

 

وقد لواحظ في الآونة الأخيرة من البعض محاولة إثارة الشبهات حول التعليم الأزهري، لذا وجب توضيح الحقائق، فمن ناحية هناك من يردد صعوبة التعليم الأزهري، لكن الحقيقة أن الصعوبة “المزعومة” تكمن في دراسة أساسيات ديننا التي يجب على كل مسلم معرفتها لتستقيم أموره، مثل بعض أحاديث النبي وتفسير بعض آيات القرآن وأحكام الشريعة، إذن أين الصعوبة في تعلم ما هو ضروري لديننا؟، وإذا كان صعباً لهذه الدرجة، فكيف تخرج منه آلاف العلماء والنابغين عبر السنين؟.

 

كما أن كثير من خريجي التعليم العام قد يجهلون أموراً أساسية في دينهم، مثل موجبات الغسل، لأن الأبوين قد يتحرجان من تعليمها لأبنائهما، أما في التعليم الأزهري يرفع هذا الحرج، حيث يتعلم الطالب هذه الأحكام في سن مبكرة (المرحلة الإعدادية) في مادة الفقه، مما يجنبه الوقوع في الخطأ ويبرئ ذمة الأبوين أمام الله، لذا فإن إلحاق الأبناء بالأزهر الشريف بنية صالحة هو استثمار في الآخرة، وإن بذل الأبوين مع الأبناء بعض الجهد في تحفيظهم القرآن وتعليمهم أحكام دينهم، فإن الله سيكتب لهم هذا الولد أو هذه البنت كصدقة جارية تنفعكم في الدنيا والآخرة، عملاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له”.

شاهد أيضاً

الألم ليس محطة النهاية.. بل وقود الانطلاق نحو القمة

كتبت بوسي عواد في الحياة، لا يمر إنسان دون أن تلامس روحه جراح الألم، وتختبر …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *