كتبت بوسي عواد
في عالم يموج بالكلمات والضوضاء، يظل الصمت العاطفي مساحة خاصة تختزن ما هو أعمق من الكلام. هو ذلك الصمت الذي لا يعني فراغًا، بل امتلاءً بالمشاعر التي تعجز الألسنة عن التعبير عنها، سواء كان حبًا أو ألمًا أو قلقًا أو حتى رضا داخلي.
يُوصف الصمت العاطفي بأنه لغة الأرواح، فهو يترجم أحيانًا شدة التعلق حين تعجز الكلمات عن وصف المشاعر، وقد يعكس في أحيان أخرى خيبة أمل أو انسحابًا صامتًا بعد جدال طويل. وفي كل حالاته، يحمل دلالات عاطفية أبلغ من أي خطاب.
ويشير خبراء علم النفس إلى أن الصمت العاطفي لا يعني بالضرورة برودًا أو جفاءً، بل قد يكون وسيلة للتأمل وإعادة التوازن، أو محاولة لحماية العلاقة من الانفجار الكلامي الذي قد يجرح الطرف الآخر. في المقابل، قد يتحول هذا الصمت إذا طال إلى جدار عازل يباعد بين القلوب ويضعف الروابط الإنسانية.
في العلاقات الزوجية مثلًا، قد يكون الصمت العاطفي رسالة غير مباشرة بأن هناك مشكلات لم تُحَل بعد، بينما في صداقات أو علاقات العمل قد يعكس عدم رضا أو غياب الأمان النفسي. لكن في بعض المواقف، يصبح الصمت أرقى أشكال التعبير عن الحب، حين يكفي حضور الشخص وإحساسه دون حاجة إلى الكلام.
ويبقى التحدي الحقيقي هو التفرقة بين الصمت الإيجابي الذي يرمم العلاقات، والصمت السلبي الذي يقتلها ببطء. وهنا يبرز دور الحوار الواعي، والاستماع العاطفي، والقدرة على قراءة ما بين السطور وما بين لحظات الصمت.
فالصمت العاطفي ليس غيابًا للتواصل، بل شكل آخر منه، قد يكون أعمق وأصدق، شرط أن يُقرأ في سياقه الصحيح.