كتب مصطفى قطب
في مشهدٍ سياسي يعكس دقّة المرحلة التي تمرّ بها المنطقة، تتجه الأنظار مجددًا إلى الشرق الأوسط، حيث يستعد نائب الرئيس الأمريكي، جي دي فانس، لزيارة إسرائيل وسط هدوء حذر يخيّم على غزة بعد اتفاق وقف إطلاق النار الأخير.
الزيارة، التي من المقرر أن تبدأ يوم الإثنين المقبل وفقًا لما نقلته القناة الإسرائيلية “12”، تأتي محمّلة بملفات شائكة وحساسة، على رأسها قضية الأسرى القتلى وملف الانتقال إلى المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب في غزة.
زيارة بملامح اختبار سياسي
تشير المصادر الدبلوماسية في واشنطن وتل أبيب إلى أن زيارة فانس ليست مجرد بروتوكول سياسي، بل تمثل “اختبارًا أمريكيًا حقيقيًا” لمدى التزام إسرائيل ببنود اتفاق التهدئة، بعد أن أبدت بعض الأطراف مخاوف من احتمالية عودة التصعيد.
وسيُجري نائب الرئيس الأمريكي فور وصوله إلى تل أبيب سلسلة لقاءات رفيعة المستوى تشمل رئيس الوزراء ووزير الدفاع، إلى جانب مسؤولين من الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، في محاولة لإعادة تقييم الوضع الميداني وضمان استمرار الهدوء على الأرض.
الملف الإنساني في الصدارة
وبحسب مصادر مقربة من البيت الأبيض، يحمل فانس تفويضًا مباشرًا من الرئيس ترامب لمتابعة تنفيذ الخطة الأمريكية التي تهدف إلى تحقيق استقرار دائم في قطاع غزة، بالتوازي مع معالجة الملفات الإنسانية وعلى رأسها ملف الأسرى والضحايا المدنيين.
كما تسعى الإدارة الأمريكية إلى إعادة ضبط إيقاع الاتفاق بعد سلسلة من التأخيرات التي واجهت عملية تسليم الأسرى، إضافة إلى ضمان التزام إسرائيل بعدم تنفيذ أي عمليات عسكرية مفاجئة قد تُفشل الجهود الدبلوماسية الحالية.
بين الهدوء المؤقت وقلق المرحلة
ويرى محللون أن الزيارة تأتي في لحظة تحوّل سياسي حسّاسة، حيث تسعى واشنطن إلى ترميم الثقة بين الأطراف المتصارعة، وتثبيت معادلة جديدة في غزة تُنهي سنوات من المواجهة وتفتح الباب أمام ترتيبات أمنية واقتصادية جديدة.
لكنّ التحدي الأكبر، وفق المراقبين، يكمن في مدى استعداد إسرائيل والفصائل الفلسطينية للالتزام الفعلي ببنود المرحلة الثانية، في ظلّ تصاعد التوتر في الضفة الغربية وتنامي المخاوف من انزلاق الأوضاع نحو مواجهة جديدة.
واشنطن تراقب بحذر
ورغم أن الهدوء النسبي يسود الأجواء منذ توقيع وقف إطلاق النار، إلا أن الإدارة الأمريكية تراقب الميدان بدقة، خشية أن تؤدي أي خروقات إلى انهيار الاتفاق قبل تثبيت آلياته الكاملة.
ويؤكد مراقبون أن نتائج زيارة فانس ستحدد مسار الأسابيع المقبلة، إما نحو تثبيت الاستقرار وبداية تنفيذ الخطة الأمريكية الجديدة، أو نحو عودة التوتر إلى السطح مجددًا، بما يعيد المنطقة إلى نقطة الصفر.
في النهاية، تمثل زيارة نائب الرئيس الأمريكي إلى تل أبيب رسالة مزدوجة: دعم أمريكي معلن لإسرائيل، وضغط خفي لضمان إنهاء الحرب دون انتكاسات، في وقتٍ تبدو فيه غزة متعبة والشرق الأوسط مترقبًا لأي شرارة تُعيد دورة الدم من جديد.