كتبت ليلي مصطفى
أعلن البنك المركزي المصري أن الضغوط التضخمية على المستوى العالمي تشهد تراجعًا ملحوظًا، إلا أنه لا تزال هناك مخاطر صعودية تحيط بمسار التضخم، تتعلق أساسًا بتفاقم التوترات الجيوسياسية واستمرار الاضطرابات في سياسات التجارة العالمية.
وفيما يخص الجانب المحلي، أوضح البنك المركزي أن المؤشرات الأولية للربع الأول من عام 2025 تؤكد استمرار تعافي النشاط الاقتصادي، مع توقع نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة تقارب 5.0% مقارنة بـ4.3% في الربع الرابع من عام 2024. ورغم هذا النمو، لا يزال الناتج المحلي الحقيقي دون طاقته القصوى، ما يشير إلى أن الضغوط التضخمية الناتجة عن الطلب ستظل محدودة في الوقت الراهن.
وأشار البنك إلى أن هذا الوضع يتماشى مع المسار النزولي المتوقع لمعدلات التضخم على المدى القصير، بدعم من السياسات النقدية الحالية. كما توقع البنك وصول النشاط الاقتصادي إلى طاقته القصوى بنهاية السنة المالية 2025/2026، مما يستوجب متابعة مستمرة للتطورات الاقتصادية.
وأكد البنك المركزي المصري أن لجنة السياسة النقدية ستستمر في مراقبة المؤشرات الاقتصادية والمالية عن كثب، مع الاستعداد لاستخدام كافة الأدوات المتاحة للحفاظ على التضخم ضمن المعدل المستهدف البالغ 7% (+/- 2 نقطة مئوية) بحلول الربع الرابع من عام 2026.
شهد الربع الأول من عام 2025 انخفاضًا حادًا في التضخم السنوي، نتيجة تراجع الضغوط التضخمية وفعالية سياسة التقييد النقدي، بالإضافة إلى تأثير فترة الأساس وتلاشي الصدمات السابقة تدريجيًا. وبحلول أبريل 2025، استقر معدل التضخم السنوي العام عند 13.9%، والتضخم الأساسي عند 10.4%، مع تحسن واضح في معدلات التضخم الشهرية خاصة بفضل انخفاض أسعار السلع الغذائية.
ورغم استمرار التضخم في بعض السلع غير الغذائية نتيجة تحركات الأسعار المحددة إداريًا، إلا أن هذه الضغوط تعتبر مؤقتة، مما أدى إلى استمرار الاتجاه النزولي للتضخم الضمني منذ بداية العام، وتقاربه تدريجيًا مع المستهدف.
وأشار البنك إلى أن توقعات التضخم تحسنت مع تباطؤ التضخم العام والأساسي، مما يُتوقع معه استمرار تراجع معدل التضخم خلال النصف الثاني من 2025 وعام 2026. ومع ذلك، فإن الإجراءات الضابطة للمالية العامة خلال 2025 وثبات تضخم السلع غير الغذائية قد يبطئان وتيرة هذا الانخفاض.
ولفت البنك المركزي إلى أن المخاطر الصعودية لتوقعات التضخم قد تراجعت مقارنة بالربع السابق، مدفوعة بتراجع حدة التوترات التجارية، وتحسن سعر الصرف، وعودة مؤشر المخاطر إلى مستوياته الطبيعية، ما يسمح بمواصلة دورة التيسير النقدي. ومع ذلك، يبقى احتمال تصاعد المخاطر قائمًا بسبب السياسات التجارية الحمائية عالميًا، وتصاعد النزاعات الإقليمية، وتأثير إجراءات ضبط المالية العامة.
وبناءً على هذه المعطيات، قررت لجنة السياسة النقدية خفض أسعار الفائدة الأساسية للبنك المركزي بنسبة 1% (100 نقطة أساس)، لتحقيق توازن بين الحماية من المخاطر المتوقعة وتوفير مساحة لدعم دورة التيسير النقدي، بما يدعم مسار التضخم النزولي خلال الفترة المقبلة.
ختامًا، أكدت اللجنة أن قراراتها ستظل مرنة وتعتمد على التقييم المستمر للتوقعات الاقتصادية والمخاطر المصاحبة، مع التزام كامل بتحقيق الاستقرار النقدي ودعم النمو الاقتصادي المستدام.