الخميس , يوليو 17 2025

مؤتمر أدب الطفل يناقش الخيال العلمي في كوكب سيكا

بقلم : د. ندى طارق

ضمن فاعليات المؤتمر العلمي العربي الثاني “أدب الخيال العلمي للأطفال”، قدم اليوم الأربعاء، وذلك بمقر انعقاد المؤتمر بالمجلس الأعلى للثقافة، الباحث الدكتور محمد جمال الدين ورقته البحثية وعنوانها “استلهام الخيال العلمي في نصوص مسرح الطفل المصري، دراسة تحليلية تطبيقية – كوكب سيكا / نموذجًا”.

 

تُقدم هذه الورقة البحثية، للدكتور محمد جمال الدين أمين، دراسة تحليلية تطبيقية معمقة حول استلهام الخيال العلمي في مسرح الطفل المصري، مع التركيز على نص “كوكب سيكا” لعبده الزراع كنموذج تطبيقي، وتُعد هذه الورقة إضافة قيمة للمكتبة العربية في هذا المجال المتخصص، وتُفتتح الورقة بمقدمة قوية تُبرز أهمية مرحلة الطفولة في إعداد الأجيال للمستقبل، خاصة في ظل التطورات العلمية والتكنولوجية المتسارعة في القرن الحادي والعشرين، وتُشير المقدمة إلى دور مسرح الأطفال كأداة تربوية وثقافية لغرس القيم وتنمية المهارات، مع التأكيد على أهمية توظيف الخيال العلمي في هذا الفن، لقدرته على تحفيز التفكير الإبداعي والاستكشافي لدى الأطفال.

 

يحدد الباحث بوضوح هدف دراسته في الكشف عن مدى استلهام الخيال العلمي في نصوص مسرح الطفل المصري، من خلال المنهج الوصفي التحليلي، متخذًا من نص “كوكب سيكا” نموذجًا لتميزه وتلقيه نجاحًا جماهيريًا ونقديًا، كما يُخصص الباحث جزءًا من ورقته لتعريف المصطلحات الأساسية للدراسة، إذ يعرض الباحث تعريفات متعددة لمصطلح “الطفل” من منظور لغوي (ابن منظور، الجوهري، أبو الهيثم)، وتربوي، ومن خلال اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989، وهذا التنوع في التعريفات يُظهر إدراك الباحث لتعقيد المصطلح وتعدد زوايا النظر إليه، ويُسهم في تحديد الفئة العمرية المستهدفة من الدراسة بوضوح، مع الإشارة إلى تقسيم علماء التربية لمراحل الطفولة.

 

ينتقل الباحث بعد ذلك لتعريف “مسرح الطفل”، مستعرضًا تعريفات إبراهيم حمادة وعبد المعطي نمر، والتي تُجمع على أن مسرح الطفل هو ذلك الفن الذي يُقدم للطفل، سواء كان الممثلون أطفالًا أو راشدين، مع التأكيد على أن الهدف الأساسي هو إمتاع الطفل وتثقيفه، أما تعريف “الخيال العلمي”، فيُقدمه الباحث تعريفًا عامًا يعتمد على افتراضات علمية وتكنولوجية مستقبلية، ويُبنى على المنطق العلمي، ويُعرّفه الباحث إجرائيًا بأنه “المزج بين الخيال الأدبي والمفاهيم أو الفرضيات العلمية التي قد تكون ممكنة التحقيق مستقبلًا”، وهذا التعريف الإجرائي يُعد مفتاحًا لفهم تطبيق الباحث لهذا المفهوم في تحليله، ويُظهر وعيه بالبعد الفني والتربوي للخيال العلمي في مسرح الطفل.

 

يُفرد الباحث قسمًا مهمًا لتناول استلهام الخيال العلمي في مسرح الطفل، مُبرزًا كونه مجالًا فنيًا وتربويًا حديثًا، ويُشير إلى قدرة الخيال العلمي على توسيع خيال الطفل، تبسيط المفاهيم العلمية، تحفيز الفضول المعرفي، وتنمية التفكير النقدي، كما يُسلط الضوء على الموضوعات التي يتناولها الخيال العلمي في مسرح الطفل، مثل السفر عبر الزمن، والفضاء، والروبوتات، والذكاء الاصطناعي، كما يُحدد الباحث أدوارًا متعددة لدمج الخيال العلمي في عروض مسرح الطفل، مثل توسيع خيال الطفل من خلال عوالم غريبة، وتبسيط المفاهيم العلمية، وتحفيز الفضول المعرفي، وتنمية التفكير النقدي، ويُشير إلى خصائص هذا النوع من الأعمال المسرحية، مثل الرمزية، الاعتماد على المؤثرات البصرية والصوتية، الجمع بين التسلية والتعليم، والتفاعل مع الطفل.

 

ولا يُغفل الباحث التحديات التي تواجه توظيف الخيال العلمي في مسرح الطفل المصري والعربي، مثل قلة الكُتّاب المتخصصين، وضعف الإمكانيات التقنية، والتصور الخاطئ حول تعقيد الخيال العلمي للأطفال، ونقص الوعي بأهمية هذا النوع فنيًا تربويًا، وهذا الطرح المتكامل يُظهر فهمًا شاملًا للباحث لجوانب الموضوع المختلفة.

 

ينتقل الباحث من التنظير إلى التطبيق العملي، إذ يُقدم الباحث نص “كوكب سيكا” لعبده الزراع كنموذج للدراسة، مُشيرًا إلى نجاحه الجماهيري وتناوله لموضوعات الخيال العلمي.

تحليل نص “كوكب سيكا”، حيث يُقدم الباحث ملخصًا لأحداث المسرحية، التي تدور حول غفيرين وشاويش يطيرون بصاروخ إلى المحطة الفضائية “مصر 2020” بقيادة العالم الدكتور ممتاز ممتاز، ويهبطون على كوكب سيكا ليكتشفوا معاناة أهله من شلل ناتج عن عدم العمل، وتتولى الشخصيات المصرية تعليم أهل الكوكب الزراعة وأهمية العمل، ليتحول الكوكب إلى جنة خضراء، وهذه الحبكة البسيطة والواضحة تُناسب الفئة العمرية المستهدفة.

 

يُبرز الباحث الرسائل الأساسية للمسرحية، وهي قيمة العمل، وأهمية العلم والمعرفة، ومساعدة الغير، مع تسليط الضوء على أن الإنتاج هو العامل الرئيسي للخروج من الأزمات الاقتصادية، وهذه الرسائل تُقدم بأسلوب كوميدي ممزوج بالخيال العلمي، مما يجعلها مقنعة وممتعة للطفل، كما يُشيد الباحث في ورقته البحثية بعبده الزراع لتوافقه مع فلسفة الأطفال، وخاصة مرحلة الطفولة المتوسطة (6-11 سنة)، التي تتميز بقدرة الطفل على استيعاب المفاهيم المعقدة وحبه لقصص الخيال العلمي والمغامرات.

 

يُحلل الباحث شخصيات النص، مُشيرًا إلى دلالة أسماء الشخصيات (مثل ممتاز ممتاز للعالم)، وتوظيف الشخصيات الكوميدية (الغفيرين والشاويش) لمزج الخيال العلمي بالكوميديا وتوجيه القيم، كما يُبرز الباحث كيف قدم عبده الزراع شخصيات الغفيرين والشاويش كأنماط تحمل روح الفكاهة، لكنه أضفى عليها أبعادًا إيجابية، فجاءت فاعلة للخير ومساهمة في حل المشكلات المجتمعية، وهذا التحليل يُظهر فهمًا عميقًا لكيفية بناء الشخصيات في مسرح الطفل، كما يُثني الباحث على بساطة الحوار ورشاقته، وتركيزه على الرسائل التربوية دون مباشرة فجة، ويُشير إلى نجاح المؤلف في المزج بين الخيال العلمي والمتعة والتشويق، وتقديم حوار فكاهي يحمل أثرًا إيجابيًا على الأطفال.

 

يُؤكد الباحث على متانة البناء الدرامي، ووضوح الفكرة، وتوافقها مع سمات الفئة العمرية، وتضمينها لقيم أخلاقية عليا مثل المثابرة وحب العلم، كما يُحدد الباحث أبرز ملامح الخيال العلمي في “كوكب سيكا”، وهي الفضاء الدرامي والمكان الخيالي، إذ أن كوكب سيكا الافتراضي أحد أعمدة أدب الخيال العلمي، أيضا سكان كوكب سيكا ككائنات فضائية تُجسد “الآخر” العلمي والتكنولوجيا، مع توظيف العلم والعمل كحلول للمشكلات المجتمعية، ووجود النزعة القيمية والتربوية، إذ يحمل النص رسائل تربوية واضحة حول التعاون والتفكير العلمي واحترام الطبيعة.

 

يمزج النص الواقعية الممزوجة بالخيال، من خلال استلهام الكوميديا “دي لارتي” في بناء ملامح بعض الشخص، مع وجود ملامح الرمزية، إذ أن الكواكب والشخصيات الفضائية ظهرت كرموز لقضايا إنسانية.

 

يُقدم الباحث تحليلًا مهمًا لنجاح عبده الزراع في كسر أفق توقع الطفل، من خلال تقديم شخصيات مألوفة (الغفيرين والشاويش والدكتور) في سياق خيالي غير متوقع (السفر إلى كوكب سيكا)، وتوظيف الكوميديا لإيصال قيم عميقة بشكل غير مباشر.

 

تُوجز النتائج رؤية الباحث بأن استلهام الخيال العلمي في مسرح الطفل ليس مجرد إطار فني جذاب، بل أداة فعالة لتشكيل وعي الطفل المعرفي والعلمي والوجداني، وتُبرز أن نص “كوكب سيكا” يُعد مثالًا ناجحًا على هذا الدمج.

شاهد أيضاً

غدا إنطلاق مؤتمر أدب الخيال العلمي للأطفال

كتب : محمد جمال الدين يستعد المجلس الأعلى للثقافة لاستضافة حدث ثقافي وعلمي بارز، وهو …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *