كتبت بوسي عواد
في خطوة فارقة نحو تحديث المنظومة القضائية وتكريس العدالة الاجتماعية، أصدر المستشار عدنان فنجري، وزير العدل، القرار رقم 4621 لسنة 2025، بتحديد مقار 38 محكمة عمالية متخصصة، موزعة جغرافيًا وفق دائرة كل محكمة ابتدائية، على أن تبدأ تلك المحاكم عملها الفعلي في 1 أكتوبر 2025، تنفيذًا لأحكام قانون العمل الجديد رقم 14 لسنة 2025.
وفي السياق ذاته، أصدر الوزير القرار رقم 4691 لسنة 2025، بإنشاء مكاتب للمساعدة القانونية للمتقاضين، تقدم كافة خدمات الدعم والإرشاد القانوني بدون مقابل، في خطوة غير مسبوقة نحو تسهيل سبل التقاضي وضمان حقوق العمال.
القرارات الجديدة تأتي ضمن خطة استراتيجية شاملة لوزارة العدل، تهدف إلى تحقيق عدالة متخصصة وسريعة في منازعات العمل، وتحقيق الرؤية الوطنية في تطوير منظومة التقاضي، بما يتسق مع توجهات الدولة لتحقيق العدالة الناجزة ورؤية مصر 2030.
وأكد المستشار عدنان فنجري خلال سلسلة لقاءات جمعته بمساعديه، ورؤساء المحاكم الابتدائية، ورؤساء المكاتب الفنية لمحاكم الاستئناف، أن العدالة العمالية لم تعد تحتمل التأخير أو البيروقراطية، مشددًا على أن هذه الإجراءات تأتي لضمان حماية الطبقة العاملة وتحقيق التوازن بين أطراف الإنتاج.
وشهدت الاجتماعات كذلك استعراضًا دقيقًا لإحصاءات القضايا العمالية، إلى جانب خطة تدريب شاملة لقضاة المحاكم العمالية، لضمان التعامل بكفاءة قانونية وواقعية مع طبيعة النزاعات العمالية.
كما وجه الوزير بضرورة تعزيز التحول الرقمي وتبسيط الإجراءات، لتسهيل ولوج المتقاضين إلى العدالة، وخلق بيئة قضائية آمنة ومحفزة، تعكس احترام الدولة لحقوق المواطن، وتستجيب لتحديات الواقع العملي.
ولم يكتفِ القرار بتدشين المحاكم، بل تضمن إنشاء منظومة مساندة تضم:
قلم كتاب مستقل لكل محكمة.
إدارة تنفيذ خاصة بها لضمان فاعلية الأحكام القضائية.
مكتب مساعدة قانونية عمالية لدعم المتقاضين قبل رفع الدعاوى.
ويُعد إنشاء مكاتب المساعدة القانونية خطوة فارقة في مفهوم التقاضي، حيث تُقدم خدمات التوجيه القانوني، ومساعدة المواطنين في إعداد صحف دعاواهم، بالمجان، مما يمنح فرصة عادلة للجميع دون تمييز.
وأكد المستشار فنجري على أن تهيئة سُبل العمل للمنظومة القضائية بات أمرًا حتميًا لتحقيق العدالة الناجزة، وخاصة أن القانون القديم ينتهي العمل به في 31 أغسطس 2025، مما يتطلب جهوزية كاملة لبدء العمل بالنظام الجديد دون أي عوائق.
وتعكس هذه الخطوات تحولًا استراتيجيًا نحو عدالة عصرية وإنسانية، تراعي البعد الاجتماعي للعمال، وتضع نصب أعينها ضمان سرعة الفصل في النزاعات وتحقيق الرضا القضائي لكافة الأطراف.
بتفعيل هذه المحاكم في أول أكتوبر، تكون مصر قد قطعت شوطًا حقيقيًا نحو قضاء متخصص أقرب للمواطن وأكفأ في الفصل، مع ضمان أنظمة قانونية داعمة للمتقاضي، مجانية، ومحترفة.
ويترقب الشارع العمالي بدء العمل الرسمي بهذه المحاكم والمكاتب، وسط آمال بأن تُحدث هذه الخطوة نقلة حقيقية في علاقة العامل بالقانون والدولة على حد سواء.
فهل تشهد العدالة العمالية أخيرًا لحظتها الفارقة؟ يبدو أن العدّ التنازلي قد بدأ بالفعل.