كتبت بوسي عواد
يُعد مجلس الشيوخ المصري إحدى الركائز الدستورية الهامة في منظومة العمل البرلماني بمصر، حيث يمثل الغرفة الثانية للتشريع بجانب مجلس النواب، ويسهم بدور محوري في إثراء الحياة النيابية، وتعميق النقاش السياسي والتشريعي حول القضايا الوطنية الكبرى. وقد عاد المجلس إلى الحياة السياسية مجددًا بعد التعديلات الدستورية التي أُقرت عام 2019، مُجسدًا رغبة الدولة في توسيع قاعدة التمثيل النيابي، وتعزيز الحوار المجتمعي حول القوانين والسياسات العامة.
النشأة والعودة
أُنشئ المجلس لأول مرة في عام 1980 تحت مسمى “مجلس الشورى”، ثم تم إلغاؤه عام 2014 بعد إقرار الدستور الجديد آنذاك، قبل أن تُعاد تسميته ويعود بصلاحيات جديدة في دستور 2019. وقد أجريت أول انتخابات له في ثوبه الجديد عام 2020.
تشكيل المجلس
يتكون مجلس الشيوخ من 300 عضو، يُنتخب ثلثا الأعضاء بالاقتراع العام السري المباشر، بينما يُعيّن رئيس الجمهورية الثلث الآخر. ويُشترط في عضو مجلس الشيوخ أن يكون مصري الجنسية، متمتعًا بحقوقه المدنية والسياسية، وألا يقل عمره عن 35 عامًا عند الترشح.
اختصاصات مجلس الشيوخ
رغم أن مجلس الشيوخ لا يملك سلطة إصدار القوانين بشكل مباشر كغرفة النواب، إلا أن له دورًا استشاريًا وتشريعيًا مهمًا، من أبرز اختصاصاته:
دراسة واقتراح تعديل القوانين المكملة للدستور.
مناقشة خطط التنمية المستدامة طويلة الأمد.
إبداء الرأي في الاتفاقيات الدولية والمعاهدات.
المساهمة في إعداد وصياغة التشريعات التي تُحال إليه من رئيس الجمهورية أو مجلس النواب.
مناقشة القضايا المجتمعية والسياسية والثقافية المؤثرة على استقرار الدولة.
أهمية مجلس الشيوخ
يُعزز المجلس من ثقافة الحوار الوطني المؤسسي، ويوفر منصة للتفكير المتعمق في المسائل التشريعية بعيدًا عن ضغوط التمثيل المباشر والانتخابي، مما يجعله أكثر قدرة على الدراسة والتحليل الهادئ. كما يساهم في دعم الدولة في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية عبر خبرات أعضائه في مجالات متعددة.
دور المجلس في الفترة الحالية
في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها مصر، يقوم مجلس الشيوخ بدور متقدم في مناقشة ملفات حيوية مثل:
سياسات التعليم الفني وتطوير المناهج.
التشريعات المرتبطة بالتحول الرقمي.
العدالة الاجتماعية وحماية الطبقات الأكثر احتياجًا.
تدعيم آليات الرقابة السياسية بالتكامل مع مجلس النواب.
مجلس الشيوخ.. صوت الخبرة
يتكوّن المجلس من نُخبة متنوعة من الكفاءات، تشمل أساتذة جامعات، رجال قضاء، دبلوماسيين سابقين، وشخصيات عامة، ما يمنحه ثقلاً فكريًا وتشريعيًا يُكمل أدوار المؤسسات التشريعية الأخرى.
يشكّل مجلس الشيوخ المصري نموذجًا جديدًا لديمقراطية تُراعي التوازن بين التمثيل الشعبي والتفكير المؤسسي المتخصص. ومع تراكم الخبرات والدورات البرلمانية، تزداد فاعلية هذا الكيان في دعم الاستقرار التشريعي، وصياغة مستقبل أكثر اتزانًا ووعيًا لمصر وشعبها.