الأحد , أغسطس 10 2025

نساء في الاسلام.. فاطمة بنت الخطاب.. المرأة التي غيّرت مسار التاريخ

كتب مصطفى قطب

في زحام الأسماء الخالدة في التاريخ الإسلامي، تتلألأ أسماء نساء لم يكنّ فقط جزءًا من الحكاية، بل كنّ صانعات للقرار، ومفاتيح لتحولات كبرى. ومن بين تلك الأسماء، يبرز اسم فاطمة بنت الخطاب، الأخت الكبرى للفاروق عمر بن الخطاب، والتي كانت شرارة التغيير في حياة واحد من أعظم خلفاء المسلمين.

 

من هي فاطمة بنت الخطاب؟

 

فاطمة بنت الخطاب القرشية العدويّة، أخت أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وزوجة سعيد بن زيد، أحد العشرة المبشرين بالجنة، كانت من أوائل من أسلموا في مكة، وظلت على عهدها في الإيمان رغم ما واجهته من اضطهاد وظلم.

 

ولدت فاطمة في بيت شريف من بيوت قريش، ونشأت على العزة والكرامة، لكنها آمنت بدعوة النبي محمد ﷺ منذ بداياتها، وكانت من السبّاقات في كتمان الإسلام حتى عن أقرب الناس، وأبرزهم شقيقها عمر.

 

تتجلّى بطولة فاطمة بنت الخطاب في واحدة من أشهر القصص في السيرة النبوية، حين خرج عمر بن الخطاب، في عنفوان شدّته وعداوته، يريد قتل النبي ﷺ، وهو لا يعلم أن شقيقته وزوجها قد دخلا الإسلام.

 

حين طرق عمر بابها غاضبًا بعد أن علم بإسلامها، وجدها تقرأ آيات من سورة “طه”، فما كان منه إلا أن صفعها صفعة سال منها الدم. لكنها ثبتت، ولم تتراجع، وقالت له بشجاعة: “افعل ما بدا لك، فإني أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله.”

 

كانت هذه الكلمات لحظة صادمة لأخٍ غليظ القلب، لكنها كسرت جدران القسوة في قلبه، ودفعته لطلب رؤية ما كانت تقرأ، فطلب المصحف، وبعد أن تطهّر وقرأ آيات من سورة طه، رقّ قلبه وقال: “دلوني على محمد.”

 

ومن هنا بدأت قصة عمر مع الإسلام، التي غيّرت مجرى التاريخ، وكل ذلك بدأ من بيت شقيقته فاطمة.

 

لم تكن فاطمة رضي الله عنها امرأة عادية، بل كانت رمزًا للثبات والإصرار على العقيدة في وجه أشد العوائق. وقفت أمام أخيها المعروف بصلابته، ودافعت عن إيمانها، لا بحدّ السيف، بل بقوة اليقين.

 

ويكفي فاطمة شرفًا أنها كانت السبب المباشر في دخول عمر بن الخطاب إلى الإسلام، هذا الحدث الذي قلب موازين القوى في مكة، وغيّر شكل الدعوة الإسلامية إلى الأبد.

 

دورها في حياة عمر والمسلمين

 

بعد إسلام عمر، ظلت فاطمة قريبة من أخيها، وكانت له معينًا في الطريق إلى الله، وكان يكنّ لها احترامًا خاصًا حتى بعد أن أصبح خليفة، ولم ينسَ أبدًا أنها كانت من أول من أضاء له درب الهداية.

 

وكونها زوجة أحد العشرة المبشرين بالجنة (سعيد بن زيد)، فإن بيتها ظل من البيوت المباركة التي تحمل نور الإسلام في الجهر والسر.

 

فاطمة بنت الخطاب، ليست فقط أخت الخليفة عمر، بل امرأة صنعت نقطة تحول في مسار الرسالة، فكان لها سهم في تغيير التاريخ، لا بسلاح ولا بجيوش، بل بموقف، وكلمة، وثبات على الإيمان.

 

لم تُعرف كثيرًا بين العامة، لكنها في كتب السيرة، مذكورة بإجلال، كواحدة من أوائل المؤمنات، اللواتي ثبتن رغم الألم، وساهمن في بناء صرح الإسلام العظيم.

شاهد أيضاً

صحابة النبي.. خباب بن الأرت رضي الله عنه

كتب مصطفى قطب في صفحات السيرة النبوية، يتألق اسم خباب بن الأرت، ليس كأحد الصحابة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *