الأربعاء , أكتوبر 15 2025

اكتشاف مصري مذهل يكشف أسرار عبقرية التحصين في عصر الدولة الحديثة

كتبت منة الله

في كشف أثري فريد يعيد رسم خريطة التاريخ العسكري لمصر القديمة، أعلنت البعثة الأثرية المصرية العاملة بموقع تل الخروبة الأثري بمنطقة الشيخ زويد شمال سيناء عن اكتشاف قلعة عسكرية ضخمة من عصر الدولة الحديثة، تُعد واحدة من أهم وأكبر القلاع التي تم العثور عليها حتى الآن على طريق حورس الحربي الشهير، الذي كان يمثل الشريان الاستراتيجي الرابط بين مصر القديمة وبلاد الشام.

 

هذا الكشف الجديد لا يُعد مجرد اكتشاف أثري، بل هو تجسيد لدهاء المصري القديم في التخطيط العسكري والهندسة الدفاعية، إذ تعكس القلعة المكتشفة كيف أبدع الفراعنة في حماية حدود مصر الشرقية عبر منظومة متكاملة من القلاع والتحصينات التي شكلت درعًا حصينًا ضد أي غزو محتمل.

 

وأكد شريف فتحي، وزير السياحة والآثار، أن هذا الكشف يمثل “صفحة جديدة في سجل المجد المصري”، موضحًا أن القلعة المكتشفة تُظهر مدى براعة المصريين القدماء في بناء منظومة دفاعية متقدمة تحمي الوطن وتؤمّن طرق التجارة والحملات العسكرية. وأضاف أن الاكتشاف يعزز من مكانة سيناء كأرض تحمل على رمالها آثارًا تحكي قصص البطولة والعظمة عبر العصور.

 

ومن جانبه، أوضح الدكتور محمد إسماعيل خالد، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أن القلعة الجديدة تسهم في استكمال الصورة الكاملة لشبكة التحصينات التي أقيمت على الحدود الشرقية في عصر الدولة الحديثة، مشيرًا إلى أن كل اكتشاف جديد في هذا الطريق يكشف عن جانب من التنظيم العسكري والدفاعي الفريد للدولة المصرية القديمة.

 

وأسفرت أعمال الحفائر – بحسب ما ذكره خالد – عن الكشف عن جزء من السور الجنوبي للقلعة بطول 105 أمتار وعرض 2.5 متر يتوسطه مدخل فرعي، بالإضافة إلى 11 برجًا دفاعيًا والبرج الشمالي الغربي، فضلًا عن أجزاء من السورين الشمالي والغربي. وأشار إلى أن الفريق واجه تحديات كبيرة نتيجة الكثبان الرملية المتحركة التي غطت أجزاء من الموقع.

 

أما محمد عبد البديع، رئيس قطاع الآثار المصرية، فكشف عن عثور البعثة على سور زجزاجي فريد بطول 75 مترًا في الجانب الغربي من القلعة، يفصل بين المنطقة الدفاعية ومنطقة سكنية كانت مخصصة للجنود، في تصميم معماري يعكس مرونة وذكاء المصري القديم في التعامل مع الطبيعة الصحراوية القاسية.

 

وخلال أعمال التنقيب، تم العثور على أوانٍ فخارية وودائع أساس تعود إلى النصف الأول من عصر الأسرة الثامنة عشرة، بالإضافة إلى يد إناء مختومة باسم الملك تحتمس الأول، إلى جانب أحجار بركانية نُقلت من براكين جزر اليونان، ما يبرهن على العلاقات التجارية المتطورة في تلك الحقبة. كما اكتُشف فرن ضخم لإعداد الخبز وبجواره كميات من العجين المتحجر، ما يشير إلى أن القلعة كانت مركزًا متكاملًا لحياة الجنود اليومية.

 

وأكد الدكتور هشام حسين، رئيس الإدارة المركزية لآثار الوجه البحري، أن الدراسات الأولية أثبتت أن القلعة مرت بعدة مراحل من الترميم والتعديل على مر العصور، خصوصًا في تصميم مدخلها الجنوبي. وأضاف أن مساحة القلعة تبلغ نحو 8000 متر مربع، أي ما يعادل ثلاثة أضعاف مساحة القلعة التي عُثر عليها بالموقع ذاته في ثمانينيات القرن الماضي.

 

وأشار إلى أن البعثة تأمل في استكمال أعمالها قريبًا للكشف عن الميناء العسكري القديم الذي كان يخدم القلعة على ساحل البحر المتوسط، وهو ما سيشكل حلقة مفقودة في دراسة شبكة الدفاع المصرية القديمة.

 

وبذلك، يُعد هذا الاكتشاف إضافة جديدة إلى سلسلة من القلاع المكتشفة على طريق حورس الحربي مثل تل حبوة وتل البرج والتل الأبيض، لتؤكد جميعها أن مصر الفرعونية لم تكن فقط أرض الحضارة والفنون، بل أيضًا دولة ذات قوة عسكرية وتنظيم هندسي فريد، قادرة على حماية أرضها وبناء حضارة خالدة على مر الزمان.

شاهد أيضاً

“مصر-11”.. تجربة إنقاذ بحرية تحاكي الواقع بقيادة مركز البحث والإنقاذ بوزارة الدفاع

كتبت بوسي عواد في إطار حرص القوات المسلحة المصرية على تعزيز جاهزية أجهزتها وتنمية قدراتها …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *