كتب مصطفى قطب
أبو موسى الأشعري، عبد الله بن قيس، من صحابة النبي محمد ﷺ، ورمز من رموز العلم والقرآن في تاريخ الإسلام. وُلد في اليمن، وأسلم في مكة قبل الهجرة، ثم رجع إلى قومه في اليمن يدعوهم إلى الإسلام، فأسلم معه عدد كبير من أهل اليمن، وجاء بهم إلى النبي في المدينة.
عرف النبي صلى الله عليه وسلم في أبي موسى الأشعري صوتًا ملائكيًا فريدًا. كان النبي يحرص على سماعه يقرأ القرآن، وقال فيه الحديث المشهور:
“لقد أوتي أبو موسى مزمارًا من مزامير آل داود”، حتى أن النبي كان يجلس خاشعًا حين يسمع تلاوته، متأثرًا بعذوبة صوته وصدق إحساسه بالقرآن.
لم يكن أبو موسى مجرد قارئ حسن الصوت، بل كان من فقهاء الصحابة وعلمائهم، حتى ولاه النبي ﷺ مع معاذ بن جبل على اليمن قاضيًا ومعلمًا، فكان مثال الحاكم العادل والعالم الورع.
شارك في معارك الإسلام الكبرى مثل معركة اليرموك وفتح العراق، وكان له دور بارز في إدارة شؤون الكوفة عندما ولاه الخليفة عمر بن الخطاب عليها، حيث عُرف بنزاهته وشدة ورعه.
كان زاهدًا متواضعًا، يفر من المناصب رغم كفاءته، وكان يقول:
“إن هذا الدين متين، فأوغل فيه برفق”.
وقد ظل حتى وفاته معلمًا للقرآن والحديث، مُصلحًا بين الناس، لا يحمل همًّا إلا نشر نور الإسلام وتعليم كتاب الله.
رحل أبو موسى الأشعري عن الدنيا تاركًا أثرًا لا يُمحى في علوم القرآن والفقه، ليبقى اسمه شاهدًا على جيلٍ رباهم النبي ﷺ، فتفوقوا في كل ميادين الحياة.