السبت , يوليو 5 2025

نساء في الاسلام… الشفاء بنت عبد الله.. أول معلمة في الاسلام

كتب مصطفى قطب

في ظل الرسالة الإسلامية التي جاءت لتمكين الإنسان بالعلم والإيمان، بزغ نجم امرأة استثنائية كانت أول من تولى تعليم النساء القراءة والكتابة في الإسلام، وهي الشفاء بنت عبد الله العدوية، رائدة التثقيف النسائي، وصاحبة العقل الراجح والمكانة الرفيعة في مجتمع المدينة.

 

من هي الشفاء بنت عبد الله؟

اسمها الكامل الشفاء بنت عبد الله بن عبد شمس القرشية العدوية، من أوائل النساء اللاتي أسلمن في مكة، وعُرفت برجاحة العقل، والبلاغة، والعلم، والمهارة في الطبابة والتعليم، وهو ما جعل النبي ﷺ يُعلي من شأنها ويُكرمها بثقة كبيرة.

 

كانت تجيد القراءة والكتابة في وقت كان فيه هذا العلم نادرًا حتى بين الرجال، وكان لها دور بالغ الأهمية في تعليم نساء المدينة، مما جعلها أول معلمة في الإسلام.

 

تكليف نبوي مباشر بالتعليم

كان النبي محمد ﷺ يقدّر العلم ويشجع عليه للرجال والنساء، وقد أمر الشفاء بنت عبد الله بتعليم حفصة بنت عمر – زوجته – الكتابة والقراءة، وهي شهادة واضحة بمكانتها العلمية، وثقة عظيمة من النبي في قدرتها على نشر العلم بين النساء.

 

وقد استمرت الشفاء في تعليم النساء، فكانت تؤسس نواة مجتمع نسائي مثقف، له دور واعٍ في الحياة العامة، وذلك في ظل منظومة تحترم العلم وتكرم أهله.

 

دورها في الرعاية والطبابة

لم تكتفِ الشفاء بالتعليم، بل كانت أيضًا ذات خبرة في الطب الشعبي والتمريض، وعُرفت بأنها كانت تعالج بعض الأمراض باستخدام وسائل معروفة آنذاك مثل الرُّقى (العلاج بالقرآن والدعاء)، وكانت تُرشد النساء في كيفية تقديم الرعاية الصحية لأسرهن، مما جعلها نموذجًا للمرأة المتعددة الأدوار.

 

مكانتها في عهد عمر بن الخطاب

عندما تولى عمر بن الخطاب الخلافة، كان يُجلّ الشفاء ويأخذ برأيها في أمور عديدة. بل وأسند إليها بعض المهام الإدارية في السوق، وهو ما جعل المؤرخين يذكرونها كأول امرأة تتولى منصبًا رقابيًا إداريًا رسميًا في الإسلام، حيث كانت تراقب الأسواق وتضبط الأسعار وتضمن عدالة البيع، مما يعكس مدى الثقة التي حظيت بها من قبل القيادة الإسلامية.

 

نموذج يُحتذى به

الشفاء بنت عبد الله هي أنموذج للمرأة العالمة والمصلحة في الإسلام، التي مزجت بين العقل والإيمان، وبين التعليم والإصلاح، وبين الوعي والإدارة، في وقت لم يكن يُسمح فيه للمرأة بأي دور خارج حدود المنزل في مجتمعات أخرى.

 

لقد فتحت الشفاء الطريق أمام أجيال من النساء المسلمات للعلم والتعليم والمشاركة المجتمعية، وأكدت أن المرأة في الإسلام ليست مجرد تابع، بل شريك فاعل في بناء الأمة.

 

سيرة الشفاء بنت عبد الله تروي قصة امرأة سبقت زمانها بعلمها وأثرها، وكرّمها الإسلام ومنحها المكانة التي تستحقها. لقد كانت أول من حملت شعلة التعليم النسائي، فاستحقت أن تُخلد في صفحات التاريخ كرمز من رموز النهضة الإسلامية.

 

وهكذا، تؤكد سير نساء في الإسلام أن المرأة المسلمة كانت دومًا صانعة للمعرفة، شريكة في البناء، وصوتًا للعدل والعقل.

شاهد أيضاً

نساء في الاسلام.. رُقيّة بنت النبي ﷺ.. زهرة النبوّة

كتب مصطفى قطب في صفحات السيرة النبوية، تطل علينا رُقيّة بنت رسول الله محمد ﷺ، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *