السبت , يوليو 5 2025

نساء في الاسلام.. زينب بنت خزيمة.. أم المساكين

كتب مصطفى قطب

في زوايا التاريخ الإسلامي المضيء، يبرز اسم زينب بنت خزيمة الهلالية، واحدة من أمهات المؤمنين، وزوجة النبي محمد ﷺ، التي امتازت بخلق رفيع وقلب مفعم بالرحمة والكرم. ورغم أن فترة زواجها بالرسول كانت قصيرة، فإن أثرها في الإسلام لا يُقاس بالزمن بل بما خلفته من سيرة عطرة، ومواقف إنسانية عظيمة.

 

نشأتها ونسبها:

 

زينب بنت خزيمة بن الحارث الهلالية، من قبيلة هوازن، وهي من بيوت العرب الرفيعة نسبًا ومكانة. عُرفت منذ صغرها بالطيبة واللين ورقة القلب، وبرزت بين النساء بعطفها على الفقراء والمحتاجين حتى لُقبت بـ”أم المساكين”، وهو لقب لم ينسب لامرأة غيرها في عهد النبي ﷺ.

 

زواجها بالنبي ﷺ:

 

تزوجها النبي محمد ﷺ في السنة الثالثة للهجرة بعد استشهاد زوجها الأول في غزوة بدر، وكان ذلك بمثابة تكريمٍ لها وتعويضٍ عن فَقْدِها، كما كان زواج النبي بها مثالاً للرحمة والرعاية الاجتماعية التي انتهجها في حياته.

 

وقد قبل النبي ﷺ زينب زوجة دون أن يشترط مهرًا عظيمًا أو مظهرًا دنيويًا، بل جاء الزواج إقرارًا بفضلها وإعلاءً لشأنها في المجتمع الإسلامي.

 

حياتها في بيت النبوة:

 

عُرفت زينب في بيت النبوة بتواضعها الشديد، وكان اهتمامها بالفقراء والمساكين لا يفتر، حيث كانت تكثر من الصدقة والطعام، وتستقبل المحتاجين بقلب مفتوح ووجه باسم، مما زاد في حب المسلمين لها.

 

ولم يُعرف عنها دخولها في أي خلاف أو تنافس بين زوجات النبي ﷺ، بل كانت مثالًا للهدوء والرضا، حتى أن بعض الروايات قالت إنهن لم يسمعن صوتها في جدال قط.

 

وفاتها المبكرة:

 

لم يطل المقام بزينب كثيرًا في الحياة الزوجية، إذ توفيت بعد زواجها من النبي ﷺ بحوالي ثمانية أشهر فقط، ودُفنت في البقيع بالمدينة المنورة، وكان النبي ﷺ هو من صلى عليها وواراها التراب بيده الشريفة، في مشهد مؤثر يعكس مكانتها عنده.

 

أثرها في الأمة:

 

رغم قِصر فترة حياتها في بيت النبي، فقد تركت زينب بنت خزيمة بصمة إنسانية لا تُنسى. فاسمها أصبح مرادفًا للكرم والعطاء، وسيرتها تروى لكل فتاة وامرأة تسعى للجمع بين الإيمان والرحمة والعمل الصالح.

 

وقد أجمعت كتب السيرة على حب أهل المدينة لها، لما وجدوه منها من حنو وعطف وعطاء لا يعرف الحدود، حتى إنها كانت تقاسم طعامها مع المساكين، وتعيش الزهد اختيارًا لا اضطرارًا.

 

الرسالة من سيرتها:

 

زينب بنت خزيمة تُعلّمنا أن التأثير الحقيقي لا يُقاس بالسنوات أو المناصب، بل بما يقدمه الإنسان من خير للناس. كانت “أم المساكين” صوت الرحمة في زمن القسوة، ويد العطاء في وقت الحاجة، وشخصية نادرة جمعت بين التواضع والمكانة، والإيمان والعمل.

شاهد أيضاً

نساء في الاسلام.. رُقيّة بنت النبي ﷺ.. زهرة النبوّة

كتب مصطفى قطب في صفحات السيرة النبوية، تطل علينا رُقيّة بنت رسول الله محمد ﷺ، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *