السبت , يوليو 5 2025

تاسوعاء وعاشوراء.. يومان من الرحمة والتجلي في ذاكرة الأمة الإسلامية

كتب مصطفى قطب

في طيات شهر الله المحرم، تتجلى أيام عظيمة اختصها الله بفضلٍ وبركةٍ، يأتي في مقدمتها يوم تاسوعاء وعاشوراء، اللذان يمثلان مناسبة دينية وتاريخية بالغة الأهمية في وجدان المسلمين، حيث تجتمع فيهما القيم الإيمانية والذكريات النبوية والدروس الإنسانية التي لا تنضب

 

ما هو يوم تاسوعاء؟

 

يوم تاسوعاء هو اليوم التاسع من شهر المحرم، ويُستحب صيامه اتباعًا لسنة النبي محمد ﷺ، الذي قال: «لئن بقيتُ إلى قابل، لأصومنّ التاسع». وجاء هذا القول رغبة من النبي في مخالفة اليهود، الذين كانوا يصومون يوم عاشوراء منفردًا، لما فيه من فضل وتكريم لنبي الله موسى عليه السلام.

 

وعلى الرغم من أن صيام تاسوعاء لم يكن واجبًا، إلا أن العلماء أجمعوا على استحباب صيامه، لما فيه من موافقة لسنة الحبيب المصطفى ﷺ، ولأنه يعد توطئة ليوم عاشوراء، وفيه تضاعف النية للتقرب إلى الله.

 

عاشوراء.. نجاة وذكرى

 

أما يوم عاشوراء، فهو اليوم العاشر من المحرم، وهو من أعظم الأيام التي حث فيها النبي ﷺ على الصيام، فقد جاء في الحديث الصحيح: “صيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله” (رواه مسلم).

 

ويعود أصل فضل هذا اليوم إلى ما ورد عن النبي موسى عليه السلام، إذ أن الله سبحانه وتعالى نجا فيه بني إسرائيل من فرعون وجنوده، فصامه موسى شكرًا لله، ووافقه النبي محمد ﷺ على صيامه، ثم أوصى بصيامه للمسلمين، وأمر به قبل أن يُفرض صيام رمضان.

 

بين الفرح والدموع

 

عاشوراء يوم متعدد المعاني في الوجدان الإسلامي؛ فهو يوم نجاة لموسى وقومه من الظلم والطغيان، لكنه في المقابل يذكّر المسلمين بمأساة كربلاء، واستشهاد الإمام الحسين بن علي رضي الله عنه حفيد رسول الله ﷺ، في واقعة أليمة تدمع لها العيون وتتفطّر لها القلوب.

 

ورغم أن أهل السنة يركزون على الجانب النبوي والعبادي من اليوم، إلا أن المسلمين عامة يستحضرون فيه معاني الصبر والثبات والعدل في وجه الظلم، كما جسدها الحسين وأهله في ملحمة كربلاء.

 

آداب اليوم وفضائله

 

من السُنة في تاسوعاء وعاشوراء:

صيام اليومين معًا (تاسوعاء وعاشوراء)، أو صيام يوم قبله أو بعده.

 

الإكثار من الدعاء والاستغفار.

 

التوسعة على الأهل، فقد رُوي أن من وسّع على عياله يوم عاشوراء وسّع الله عليه سائر سنته.

 

وهذه الأيام لا تُصام فقط تكفيرًا للذنوب، بل هي محطة روحية لتجديد العهد مع الله، وفرصة للمسامحة والتأمل في نعم النجاة والهداية.

 

تاسوعاء وعاشوراء ليسا مجرد يومين في التقويم، بل هما نافذتان على التاريخ والروح، يستدعيان منّا الشكر والعبرة، والفهم العميق لمعاني الرحمة والنصر والصبر والعدل. وفي زمان تتسارع فيه الفتن، تبقى مثل هذه الأيام مناراتٍ تضيء لنا الطريق نحو التزكية، وتجديد العهد مع الله.

شاهد أيضاً

نساء في الاسلام.. رُقيّة بنت النبي ﷺ.. زهرة النبوّة

كتب مصطفى قطب في صفحات السيرة النبوية، تطل علينا رُقيّة بنت رسول الله محمد ﷺ، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *