كتب مصطفى قطب
كشف تقرير لمجلة «تايم» الأمريكية عن تحول لافت في دور بيلاروسيا، الدولة الخاضعة لعقوبات مشددة من عدة دول أوروبية، من كونها قاعدة أمامية لدعم روسيا في حربها ضد أوكرانيا، إلى قناة خلفية سرية تسعى للعب دور الوسيط في واحدة من أعقد النزاعات الدولية المعاصرة.
الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، الذي يحكم البلاد منذ أكثر من ثلاثة عقود ويُعرف بولائه العميق لموسكو، قرر هذا العام أن يقدّم نفسه إلى واشنطن كـ”وسيط موثوق” لدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وبحسب التقرير، عرض لوكاشينكو على الإدارة الأمريكية – بل وخصّ دونالد ترامب بالذكر – فرصة “تاريخية” لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، مشيرًا إلى أن إبرام صفقة سلام قد يفتح الباب أمام ترامب لحصد جائزة نوبل للسلام.
منذ اندلاع الحرب في عام 2022، شكّلت بيلاروسيا نقطة انطلاق استراتيجية للقوات الروسية، ومركزًا للتدريب والإمداد العسكري، مما جعل كييف ومعظم العواصم الأوروبية تصنفها كطرف مباشر في النزاع. ووصف محللون دورها حينها بأنه أشبه بـ”شرفة روسية” تُطل على أوروبا وتوفر لموسكو قاعدة مثالية لشن الضربات العسكرية وربما النووية.
لكن تحركات لوكاشينكو الأخيرة، التي تزامنت مع حالة الجمود العسكري على الجبهات، تعكس محاولة بيلاروسية للخروج من عزلة العقوبات عبر لعب ورقة الوساطة، مستفيدة من موقعها الجغرافي وعلاقاتها الوثيقة بالكرملين.
وبينما يرى مراقبون أن هذه الخطوة قد تكون مجرد مناورة سياسية لتحسين صورة مينسك أمام الغرب، لا يستبعد آخرون أن تفتح هذه القناة الخلفية بابًا لمفاوضات جادة إذا توافرت الإرادة السياسية لدى الأطراف المعنية.
بهذا، تظل بيلاروسيا عالقة بين صورتين متناقضتين: قاعدة عسكرية لروسيا وجسر محتمل للسلام، في معادلة جيوسياسية معقدة قد تعيد رسم مستقبل الحرب في أوكرانيا.