كتب مصطفى قطب
لم تمرّ سوى ساعات على إعلان فوز المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو بجائزة نوبل للسلام لعام 2025، حتى تحولت الجائزة إلى محور أزمة سياسية دولية، بعدما اشتعلت ردود الأفعال الغاضبة من بعض الزعماء الذين رأوا أنفسهم «الأحق» بها، وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
الجائزة التي أرادتها لجنة نوبل تكريمًا لـ«رمز النضال السلمي ضد القمع في فنزويلا»، تحولت سريعًا إلى ساحة مواجهة دبلوماسية تكشف حجم التنافس بين القوى الكبرى على الشرعية الأخلاقية والاعتراف الدولي، في مشهد يعكس كيف باتت السياسة تتقاطع مع رمزية السلام.
”
الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي لطالما تباهى بدوره في الوساطات بين إسرائيل وحماس خلال عام 2024، عبّر عن استيائه من القرار، واصفًا إياه بـ«المسيّس».
وقال في تصريحات لوسائل إعلام أمريكية:
> «لقد قدّمت أكثر من أي شخص آخر من أجل إحلال السلام، لكن لجنة نوبل اختارت السياسة بدلًا من الحقيقة».
أما البيت الأبيض، فلم يُخفِ خيبة أمله، مشيرًا إلى أن استبعاد ترامب من الجائزة يمثل تجاهلًا متعمدًا لجهود حقيقية تمت على الأرض في ملفات معقدة مثل غزة وكوريا الشمالية.
من جانبه، وجّه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين انتقادًا هادئًا للجنة نوبل، معتبرًا أن قراراتها «لم تعد تعكس العمل الحقيقي من أجل السلام»، مؤكدًا في تصريحات لوكالة “تاس” الروسية أن:
«اللجنة كثيرًا ما تمنح جوائزها لأشخاص لم يصنعوا سلامًا فعليًا، بل أصبحوا رموزًا سياسية تُرضي الغرب».
وفي لفتة لافتة، أثنى بوتين على «جهود ترامب» في محاولاته لحل النزاعات الدولية، في إشارة واضحة إلى تعاطفه مع اعتراضه على نتائج نوبل.
على الجانب الآخر، رحّبت الفائزة ماريا كورينا ماتشادو بالقرار، مؤكدة أن الجائزة «ليست تكريمًا شخصيًا بل انتصارًا للشعب الفنزويلي»، مشددة على أنها تُهديها «لكل من ناضل سلميًا من أجل الحرية والديمقراطية».
في العاصمة كراكاس، خرج المئات إلى الشوارع احتفالًا بفوزها التاريخي، رافعين صورها وأعلام فنزويلا، معتبرين الجائزة «لحظة انتصار للعدالة بعد سنوات من القمع».
يثير فوز ماتشادو تساؤلات جديدة حول ما إذا كانت جائزة نوبل للسلام لا تزال تُمنح بناءً على الإنجاز الإنساني الفعلي، أم أنها أصبحت أداة رمزية في لعبة النفوذ السياسي العالمي.
فبينما ترى لجنة نوبل أنها تكرّم رموز النضال المدني، يرى منتقدوها أن «السلام الحقيقي لا يُصنع بالشعارات، بل بالقرارات الميدانية الجريئة».
وهكذا، أثبتت جائزة نوبل للسلام هذا العام أنها لم تفقد بريقها، لكنها اكتسبت بعدًا جديدًا من الجدل، إذ لم تعد مجرد وسام شرف، بل مرآة تعكس طموحات الزعماء وصراعاتهم على المجد العالمي.
وبينما تتوّج ماريا كورينا ماتشادو بلقب «سيدة نوبل الجديدة»، لا تزال تصريحات ترامب وبوتين تتردد في العواصم الكبرى، لتؤكد أن الطموح نحو نوبل قد يكون أحيانًا أكثر اشتعالًا من الحروب نفسها.