كتبت ليلي مصطفى
لا تزال أسعار الذهب تواصل موجات الارتفاع الحادة، مدفوعة برياح عاتية من التقلبات السياسية والصراعات الجيوسياسية العالمية، بحسب ما أكدته شعبة الذهب بالغرف التجارية في بيان خاص. إذ دفع التصعيد الأخير في منطقة الشرق الأوسط، لا سيما الهجوم الإسرائيلي على مواقع إيرانية حساسة، بأسعار الذهب إلى مستويات قياسية لم تُسجل منذ مايو الماضي.
في الوقت الذي بدأ فيه العالم يستنشق بعض الاستقرار مع اقتراب اتفاق أمريكي–صيني بشأن التعريفات الجمركية، جاءت بيانات التضخم الأمريكية مطمئنة إلى حد ما، إلا أن إعلان الهجوم الإسرائيلي المفاجئ قلب المشهد الاقتصادي مجددًا، ودفع المستثمرين نحو الاحتماء بالذهب.
وبحسب الشعبة، قفز سعر الذهب بنسبة 1.7% ليصل إلى 3444 دولارًا للأوقية، بعد أن افتتح تداولاته عند 3383 دولارًا، مقتربًا من حاجز 3500 دولار للمرة الأولى منذ بداية العام.
هدأت حدة الصراع بين الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ورئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، ما أضفى بعض الارتياح على توقعات السوق، إلا أن الضغوط على تخفيض الفائدة على الدولار ما زالت قائمة، وهو ما يجعل من الدولار عاملًا متغيرًا قد يُسرّع أو يُبطئ مسار الذهب حسب قرار الفيدرالي الأمريكي المرتقب في 18 يونيو.
ورغم الصعود الطفيف للدولار بنسبة 0.9% أمام اليورو والإسترليني، يتوقع بعض المحللين أن يكون هذا الارتفاع مؤقتًا في ظل الترقب العالمي لأي مؤشرات تهدئة أو تصعيد.
انعكست تلك القفزات في السوق العالمية على السوق المحلي بسرعة ملحوظة، حيث ارتفع سعر الذهب في مصر اليوم كالتالي:
عيار 21: 4850 جنيهًا للجرام
عيار 18: 4157.14 جنيهًا للجرام
عيار 24: 5542.86 جنيهًا للجرام
الجنيه الذهب: 38,800 جنيهًا
وفي تعليقه على هذه المستجدات، أكد المهندس هاني ميلاد، رئيس الشعبة العامة للذهب والمجوهرات، أن:
“الأسواق المصرية مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالسعر العالمي، وتسعير الذهب في مصر يخضع لتحركات الدولار والتطورات السياسية العالمية، ولا يزال الذهب هو الملاذ الأكثر أمانًا، سواء للدول أو الأفراد، في ظل تراجع ثقة المستثمرين في العملات الرقمية والأسهم وبعض أدوات الدين”.
“طالما استمرت حالة القلق وعدم اليقين، سيظل الذهب في صعود، أما إذا شهدت الساحة تهدئة أو انفراجًا دبلوماسيًا، فمن المتوقع أن تشهد الأسعار تصحيحًا نسبيًا”.
بهذا الصعود، يؤكد الذهب مكانته كمرآة للتوترات الدولية، وساحة تفاعل لحظي بين الأسواق والسياسة. وبينما ينتظر المستثمرون قرارات الفيدرالي الأمريكي في الأيام المقبلة، تبقى الأسعار مرشحة لمزيد من التحرك الحاد، إما صعودًا إذا تصاعدت الأحداث، أو هبوطًا إذا نجحت جهود التهدئة.
في ظل عالم يغلي، الذهب لا يزال يحتفظ ببريقه، لا كزينة فحسب، بل كدرع اقتصادي في وجه العواصف السياسية.