كتبت خيريه غريب
لطالما سمعنا من يردد: “الزمن تغيّر”، وكأن الزمان كائن حيّ يحمل صفات الخير والشر، أو كأن عقارب الساعة تملك أن تفسد القلوب أو تصنع النوايا. والحقيقة، أن الزمان بريء، لم يتبدّل سوى الإنسان.
نحن من تغيّرنا، نحن من اخترنا أن نُلبِس الحياة ثوب الجفاء، ونلوّن الأيام بلون الطمع والجحود. أصبحنا لا نرضى، لا نُقنع، لا نحمد، نريد المزيد دائمًا، حتى لو كان على حساب الآخرين. سقطت المبادئ، وتلاشت القيم، وصار المال هو الإله الجديد الذي تُقدَّم له القرابين من أخلاقٍ ومشاعر وضمائر.
من الذي تغيّر؟
هل الأيام اختلفت؟ أم أن القلوب أصبحت أكثر قسوة؟
من الذي باع ومن الذي خان؟ من الذي ظلم وأخذ ما لا يحق له؟
ليس الزمان هو الجاني… بل نحن.
تسلل الطمع إلى النفوس، واستقر الجفاء في البيوت، وانهارت العلاقات تحت وطأة الأنانية والمصالح. صرنا نُحب لمنفعة، ونُعطي لنأخذ، ونقترب لحاجة. اختفت النوايا الطاهرة، وغاب الصفاء عن الأرواح.
نتساءل: لماذا لا نعرف كيف نعيش؟
الجواب بسيط… لأننا نعيش بأنانية، نلهث خلف ما لا يُشبع، نُهمل قيم المحبة والرحمة، ونُبدلها بالاستغلال والتسلق.
ثم نقول: “الزمن بقى صعب”… لا، بل نحن من صعّبنا الحياة على أنفسنا.
نُحاسب السنين، ولا نُحاسب الضمائر.
نُحمّل الأيام وزر أفعالنا، ونتجاهل أن كل ما يحدث، إنما هو انعكاس لما زرعته أيدينا.
آن لنا أن نُراجع أنفسنا، أن نُعيد للإنسانية معناها، أن نُطهر قلوبنا من شوائب الجشع، ونغسل أرواحنا بماء الصدق والرحمة.
لأن الزمان سيظل يمضي… ولكن ما يجعل مروره جميلاً، هو نحن، فقط نحن.