كتبت بوسي عواد
في مشهد يختلط فيه الحزن بالغضب، أعلنت الحكومة اللبنانية اليوم الحداد الوطني إحياءً للذكرى السنوية الرابعة لانفجار مرفأ بيروت، الذي وقع في الرابع من أغسطس عام 2020، وأسفر عن مأساة إنسانية هزت العالم، حيث راح ضحيته أكثر من 200 شهيد، وأصيب ما يقرب من 6000 شخص، فضلًا عن تدمير أجزاء واسعة من العاصمة اللبنانية.
وفي بيان رسمي، أكدت الحكومة أن يوم الرابع من أغسطس سيكون يوم حداد وطني، تُنكس فيه الأعلام على جميع الإدارات العامة والمؤسسات الرسمية والبلديات، كما سيتم تعديل البرامج العادية في محطات الإذاعة والتلفزيون لتتناسب مع الذكرى الأليمة، في خطوة رمزية تهدف إلى التضامن مع عائلات الشهداء والمصابين الذين لا تزال جراحهم تنزف حتى اليوم، سواء جسديًا أو نفسيًا أو قانونيًا.
وتأتي الذكرى هذا العام وسط استمرار الجمود القضائي في ملف التحقيق، وتضارب الصلاحيات بين السلطات، ما دفع العديد من أهالي الضحايا لتنظيم وقفات احتجاجية، تُجدد المطالبة بـالعدالة والمحاسبة، ورفض ما أسموه بـ”سياسة التمييع والتجاهل المتعمد”.
انفجار المرفأ الذي سُجل بين أكبر الانفجارات غير النووية في التاريخ، تسبب في تدمير أحياء كاملة من العاصمة، وشرد عشرات الآلاف من سكانها، فضلًا عن الأثر الاقتصادي الكارثي الذي عمّ البلاد في وقت كانت تعاني فيه أصلًا من أزمة مالية خانقة.
وفي السياق نفسه، أصدر عدد من الهيئات الدولية والمنظمات الحقوقية بيانات تندد بالتقاعس في كشف الحقيقة، مؤكدين أن التأخير في المحاسبة يمثل إهانة لذكرى الضحايا، ويفتح الباب أمام الإفلات من العقاب في واحدة من أكثر الكوارث المدنية دمارًا في العصر الحديث.
ذكرى انفجار مرفأ بيروت ليست مجرد يوم حداد، بل تذكير دائم بأن الحقيقة لا تموت بالصمت، وأن العدالة المؤجلة لا تُسقط الألم بل تُعمّقه.
ومع اقتراب الذكرى، تعلو الأصوات داخل لبنان وخارجه، مطالبة بإجراء دولي مستقل لكشف ملابسات الانفجار، وتحقيق شفاف يعيد لضحاياه الحد الأدنى من الكرامة والعدالة التي ما زالوا يبحثون عنها منذ أربع سنوات.
في هذا اليوم، تفتح بيروت جراحها من جديد، على أمل ألا تبقى “مدينة بلا عدالة” إلى الأبد.