كتبت خيريه غريب
في داخل كل إنسانٍ مؤمن، ينبض يقينٌ خفيّ بأن الله لا يترك عبدًا لجأ إليه، ولا ينسى قلبًا سجد بين يديه. هذه الثقة بالله، ليست فكرة طارئة، ولا أمنية تُتلى على عتبات الرجاء، بل هي نورٌ يسكن في أعماق الأرواح، يُطمئن الفؤاد في زمن القلق، ويُثبّت الخطى حين تعصف بنا الدنيا.
أنا لا أُراهن على شيءٍ في هذه الحياة قدر رهاني على حفظ الله. أؤمن يقينًا أن من سلّم أمره لله لم يُخذل، ومن استودع نفسه بين يديه نجا. والله، ما خاب من قال “يا رب” من أعماق قلبه، ولا ضاع من جعل التوكل زاده، والدعاء طريقه، والقرآن صاحبه في كل درب.
القرآن ليس فقط كلامًا يُتلى، بل هو روحٌ تتغلغل في الجسد، وعهدٌ بين العبد وربه، وسكينة تسري في العروق حين تضيق الصدور. كل حرف من كتاب الله حراسة، وكل آية سورٌ من نور، وكل سورةٍ مفتاحٌ للرضا والطمأنينة.
أنا أؤمن أن الله يُدبّر لنا الخفاء قبل العلن، وأن ما نراه تأخيرًا هو عين الرحمة، وما نحسبه منغصًا هو ما يمنع عنا الأسوأ.
كم من شرٍّ صرفه الله دون أن نعلم، وكم من باب أغلقه ليحمينا، لا ليحزننا. الرضا لا يأتي من وفرة الدنيا، بل من ثقةٍ بأن ما اختاره الله خيرٌ مما تمنيناه.
وقد رأيتُ بعيني، وتذوّقت بقلبي، أن من حفظ القرآن نال من الحفظ الرباني ما لا تدركه الأبصار. يُنقَذ قبل أن يضيع، ويُطمأن قبل أن يُقلق، ويُرزق من حيث لا يحتسب، لا لأنه أذكى الناس، بل لأنه حمل بين ضلوعه كلمات السماء.
فأنا مؤمنة أن الله لا يُسلِم من احتمى به، ولا ينسى من دعاه، ولا يخذل من أحبّه.
وكل ما فيّ من سكينة، وكل ما في طريقي من نور، هو لأنني وثقت به، ووضعت قلبي بين يديه، وآمنت أن رضاه هو غايتي، وحفظه هو سرّ نجاتي.