المحطة الإخبارية جريدة إليكترونية شاملة
كتب مصطفى قطب
حين نبحث في سير العظماء، نكتشف أن خلف كل مجد نساء خلدهن التاريخ ولو في سطوره الخفية. من هؤلاء النسوة سلمى بنت صخر بن عامر التيمية، زوجة هاشم بن عبد مناف، وجدة النبي محمد صلى الله عليه وسلم من جهة جده عبد المطلب، التي كان لها دور خفي لكن مؤثر في تاريخ قريش وفي رسم جذور النبوة.
نسبها ومكانتها
تنتمي سلمى إلى قبيلة بني تيم بن مرة، وهي فرع من قريش، وكانت من بيت شرف ووجاهة. كان أهل مكة يجلونها ويعرفون مكانتها بين نساء قريش. اقترن بها هاشم بن عبد مناف، سيد مكة حينها وصاحب مشروع رحلتي الشتاء والصيف، بعد أن اختارها بوعي تام لما تمتاز به من حكمة ورجاحة عقل.
زواجها بشروط.. واستقلالية نادرة
اشترطت سلمى شرطًا فريدًا عند زواجها من هاشم:
> أن تظل في دار قومها في يثرب (المدينة المنورة الآن) ولا يغادرها الزوج معها، حتى إذا ولدت حملها، يكون لها حرية التصرف في تربية ولدها.
هذا الشرط يعكس قوة شخصيتها واستقلاليتها في زمن كانت فيه المرأة في الأغلب خاضعة لإرادة الرجل. وافق هاشم على هذا الشرط، ودخل بها في يثرب حيث أنجبت له شيبة الحمد الذي عُرف لاحقًا بـ عبد المطلب جد النبي صلى الله عليه وسلم.
موقفها مع ابنها شيبة
عندما مات هاشم في رحلته إلى الشام، كبرت شيبة في كنف أمه سلمى في يثرب، وحين جاء عمه المطلب بن عبد مناف ليأخذه إلى مكة، وافقت سلمى، لكنها اشترطت الحفاظ عليه وعدم التفريط به.
وقد حرصت سلمى أن تربي ابنها على مكارم الأخلاق والكرامة، فكبر شيبة ليكون عبد المطلب، الذي أصبح سيد قريش، وحامي الكعبة المشرفة، وصاحب حفر بئر زمزم.
أثرها في الإرث النبوي
سلمى لم تكن امرأة عابرة في حياة قريش، بل كانت صانعة لجيل قاد الأمة. فقد زرعت في ابنها عبد المطلب القوة والعزة، ليصبح أساسًا لآل هاشم الذين خرج منهم النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
رغم أن ذكرها قليل في السير، فإن سلمى بنت صخر تستحق أن تُذكر كواحدة من النساء اللاتي وضعن بصمتهن في جذور التاريخ الإسلامي، فبتربيتها الصالحة لابنها عبد المطلب، أسست للبيت الذي حمل خاتم الأنبياء.
