مصطفي قطب
يُعتبر مولد سيدي عبد الله الغريب من أبرز وأقدم المناسبات الدينية والروحية في محافظة السويس، حيث يُقام سنويًا في حي الغريب، ويجذب آلاف الزوار من داخل المحافظة وخارجها. يمتد تاريخ هذا المولد لأكثر من مئة عام، ويُعد مناسبة تجمع بين الطابع الديني والاجتماعي والثقافي.
اسمه الحقيقي هو أبو يوسف بن محمد بن يعقوب بن إبراهيم بن عماد، وكان قائدًا عسكريًا مغربي الأصل عُرف بالتقوى والزهد. في عام 936 ميلادية (320 هـ)، أرسله الخليفة الفاطمي عبد الله المهدي لقيادة حملة عسكرية ضد القرامطة الذين اعتدوا على الحجاج المصريين. قاد الحملة من القاهرة مرورًا ببلبيس وصولًا إلى منطقة القلزم (السويس حاليًا)، حيث استشهد في معركة حاسمة ليلة الجمعة 17 من ذي القعدة. دُفن في المكان الذي يُعرف اليوم بمسجد وضريح سيدي عبد الله الغريب، وأصبح مزارًا ومقامًا يرتاده الزوار طلبًا للبركة والتبرك بسيرته .
تبدأ فعاليات المولد بإقامة حلقات الذكر والمديح، وتشارك فيها أكثر من 8 طرق صوفية من مختلف محافظات مصر. تُقام الخيام والسرادقات حول المسجد، حيث يتم تقديم الطعام والمشروبات والحلويات مجانًا للزوار. تستمر الاحتفالات حتى الليلة الكبيرة أو الختامية، التي تشهد ذروة الحضور والابتهالات .
لا يُعد مولد سيدي عبد الله الغريب مجرد طقس ديني، بل هو أيضًا تظاهرة شعبية وثقافية تبرز الكرم السويسي الأصيل. يُعتبر المولد فرصة سنوية لإحياء التراث الروحي والإنساني للسويس، وملتقى شعبيًا للصوفية في مصر .
إذا كنت في السويس أو تخطط لزيارتها، فإن حضور مولد سيدي عبد الله الغريب يُعد تجربة روحانية وثقافية فريدة تستحق المشاهدة.