كتب مصطفى قطب
في تطور لافت ومثير للجدل في ملف الشرق الأوسط الأكثر اشتعالًا، صرح وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، صباح اليوم الإثنين، بأن بلاده “وجهت ضربة قاضية للبرنامج النووي الإيراني”، مؤكدًا أن إسرائيل “أزالت أي تهديد نووي موجه ضدها”، وذلك في تصريحات عاجلة نقلتها قناة “القاهرة الإخبارية”.
لم يوضح الوزير الإسرائيلي طبيعة الضربة المشار إليها، وما إذا كانت عسكرية، سيبرانية، أو استخباراتية، ما يفتح الباب أمام سيل من التكهنات في الأوساط السياسية والعسكرية الدولية. ويأتي هذا التصريح في وقت تتصاعد فيه حدة التوترات الإقليمية، لاسيما بعد اجتماع عقدته إيران مع دول الترويكا الأوروبية في 25 يوليو الجاري، لمناقشة مسار المفاوضات النووية المتعثرة، وملف العقوبات الدولية المفروضة على طهران.
البرنامج النووي الإيراني يُعد واحدًا من أخطر الملفات في منطقة الشرق الأوسط، حيث تصر إيران على حقها في استخدام الطاقة النووية لأغراض سلمية، بينما تتهمها تل أبيب بالسعي لتطوير أسلحة نووية تهدد أمنها الوجودي. وتأتي تصريحات كاتس في وقت حرج، حيث تسعى قوى غربية لإعادة إحياء الاتفاق النووي لعام 2015، الذي انسحب منه الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب عام 2018.
إسرائيل لطالما اعتمدت في مواجهتها للبرنامج النووي الإيراني على استراتيجية “حرب الظل”، التي تشمل اغتيالات علماء نوويين، ضربات جوية لمواقع سورية تضم وجودًا إيرانيًا، وهجمات سيبرانية مثل هجوم “Stuxnet” الشهير. ومن غير المستبعد أن تكون تصريحات كاتس جزءًا من تلك الحرب غير المعلنة، التي تعتمد على إثارة الضغط النفسي والاضطراب السياسي داخل إيران.
حتى الآن، لم يصدر رد رسمي من طهران على تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي، لكن من المتوقع أن تثير هذه التصريحات غضبًا واسعًا داخل الأوساط الإيرانية، وربما تؤدي إلى تصعيد جديد في الخطاب السياسي والإعلامي بين البلدين، مع تحذيرات من احتمالية انتقال التوتر إلى مواجهات مباشرة أو عبر الوكلاء الإقليميين في سوريا ولبنان والعراق.
مع هذه التطورات المتسارعة، تدخل المنطقة منعطفًا أكثر خطورة، حيث أصبح البرنامج النووي الإيراني مجددًا في قلب المواجهة، وسط ترقب دولي لما ستؤول إليه المفاوضات مع الترويكا الأوروبية، ومدى قدرة المجتمع الدولي على كبح جماح المواجهة المباشرة بين طهران وتل أبيب.
تصريحات يسرائيل كاتس لا يمكن فصلها عن السياق السياسي الداخلي في إسرائيل، ولا عن محاولات الحكومة الإسرائيلية الحالية لإظهار اليد الطولى في الملف الإيراني، سواء أمام الداخل الإسرائيلي أو أمام المجتمع الدولي. لكن يبقى السؤال الأهم: هل هي بالفعل ضربة قاضية، أم مجرد طلقة دعائية في معركة النفوذ التي لم تنتهِ بعد؟