كتبت بوسي عواد
في إنجاز غير مسبوق يعكس الحضور المصري المتزايد على الساحة الدولية، أعلن السفير بسام راضي، سفير مصر في إيطاليا ومندوبها الدائم لدى منظمات الأمم المتحدة في روما، أن المؤتمر العام لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة “الفاو”، قد انتخب مصر بالإجماع رئيسًا للمجلس التنفيذي للمنظمة لمدة أربع سنوات.
ويُعد هذا الإنجاز دلالة على ما تحظى به الدبلوماسية المصرية من ثقة واحترام عالمي، خاصة أن مرشح مصر، المستشار مينا رزق نائب المندوب الدائم في الفاو، أصبح أول مصري يتولى هذا المنصب منذ تأسيس المنظمة في عام 1945، متفوقًا في انتخابات شرسة على خمسة مرشحين من مناطق جغرافية متنوعة مثل إفريقيا، آسيا، الأمريكيتين، وأوروبا، كان من بينهم وزراء وشخصيات رفيعة.
وأشار السفير راضي إلى أن هذا الفوز يأتي في إطار رؤية الرئيس عبد الفتاح السيسي الهادفة إلى إعداد وتمكين الشباب، وخلق قيادات قادرة على تمثيل مصر في المحافل الدولية، خاصة في القطاعات الحيوية المرتبطة بأولويات الدولة مثل الأمن الغذائي والزراعة والمياه.
ويُعد المستشار مينا رزق، البالغ من العمر 38 عامًا، أصغر من يتقلد هذا المنصب الرفيع في تاريخ “الفاو”، ما يبرهن على توجه الدولة في ضخ دماء شابة مدربة ومؤهلة في المواقع القيادية الدولية.
وأكد راضي أن الفوز المصري جاء تتويجًا لجهود مكثفة بذلتها السفارة المصرية في روما خلال الأشهر الماضية، بهدف إظهار كفاءة الترشيح المصري وأحقيته في قيادة المجلس التنفيذي، خاصة في ظل التحديات المتصاعدة عالميًا في مجالات الغذاء والمياه والزراعة، وهي قضايا ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالأمن القومي المصري.
وأشار إلى أن المنظمة تتابع باهتمام ما تقوم به مصر من مشروعات تنموية غير مسبوقة في هذه القطاعات، بتوجيهات مباشرة من القيادة السياسية، ومنها مشاريع الاستصلاح الزراعي، وتبطين الترع، وتوسيع الرقعة الزراعية، وغيرها من المبادرات التي تعزز الأمن الغذائي محليًا وإقليميًا.
لم يتوقف التميز المصري داخل “الفاو” عند هذا الحد؛ فقد أشار راضي إلى أن مصر تشغل حاليًا عدة مواقع مؤثرة داخل المنظمة، من بينها عضوية المجلس التنفيذي، ورئاسة اللجنة المالية، بالإضافة إلى فوز الجهاز المركزي للمحاسبات المصري بالمراجعة القانونية والمالية للمنظمة، وهي سابقة أولى من نوعها.
كما نال “بنك الطعام المصري” جائزة الفاو التقديرية لهذا العام، في اعتراف دولي بجهوده في مجال العمل الإنساني والغذائي، فيما تستعد المنظمة لعقد مؤتمرها الدولي السنوي في العاصمة الإدارية الجديدة خلال هذا العام، ما يعكس عمق الشراكة بين الجانبين.
واختتم راضي تصريحاته بأن المجلس التنفيذي هو الجهة الحاكمة للمنظمة، ويتكون من عدد محدود من الدول الأعضاء تُنتخب لفترة ثلاث سنوات، وهو ما يزيد من أهمية الفوز المصري، حيث تتسلم القاهرة رسميًا دفة القيادة خلال فترة حرجة يشهد فيها العالم تقلبات حادة في سلاسل الإمداد الغذائي والتغيرات المناخية.
إن هذا الفوز التاريخي لمصر لا يمثل فقط إنجازًا دبلوماسيًا، بل يُعد تتويجًا لرؤية استراتيجية واضحة تهدف إلى بناء كوادر دبلوماسية شابة، وترسيخ مكانة مصر كدولة فاعلة على المسرح الدولي في القضايا الأكثر أهمية للإنسانية.