كتب مصطفى قطب
في زوايا التاريخ الإسلامي، تبرز أسماء نساء كان لهن بصمات لا تُنسى في دعم الرسالة ونصرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ورغم ذلك، غابت أسماؤهن عن الكثير من صفحات السيرة. من بين هذه الشخصيات عاقلة بنت أبي طالب، أخت الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، والتي كانت من النساء القلائل في بني هاشم اللاتي عُرفن بحكمتهن ووقوفهن مع الإسلام في مراحله الصعبة.
نسبها ونشأتها
عاقلة بنت أبي طالب بن عبد المطلب، قرشية هاشمية، ابنة عم النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وأخت الإمام علي، وجعفر، وعقيل رضي الله عنهم جميعًا. نشأت في بيت النبوة والمجد القرشي، وكانت شاهدة على بدايات الدعوة الإسلامية في مكة.
عُرفت عاقلة بحكمتها البالغة، وذكائها، مما جعلها قريبة من أخيها الإمام علي في مشوراته العائلية، بل وكانت تجمع نساء بني هاشم وتحثهن على الاستماع للدعوة الجديدة التي جاء بها ابن عمها محمد صلى الله عليه وسلم.
موقفها من الدعوة
حين بدأت الدعوة الإسلامية، كان بيت أبي طالب حصنًا للنبي من أذى قريش، وكانت عاقلة من النساء اللاتي ساندن هذه الحماية بكل ما أوتين من حزم. قادت عاقلة بنات بني هاشم في مقاطعة قريش لبني هاشم في شعب أبي طالب، وصبرت على الجوع والحرمان مع النبي وأصحابه.
ارتباطها بأهل البيت
بجانب كونها شقيقة الإمام علي، كانت على صلة وطيدة بالسيدة فاطمة الزهراء، ابنة النبي، وكانت من أقرب النساء لها في حياتها الزوجية مع الإمام علي. وقد ورد في بعض المصادر أن عاقلة كان لها دور مؤثر في تربية أبناء علي وفاطمة، الحسن والحسين، خاصة في سنوات طفولتهما الأولى.
دورها الاجتماعي والسياسي
لم تكن عاقلة مجرد امرأة في ظلال الرجال العظام، بل كانت سيدة ذات رأي مسموع في محيطها. وقد روى عنها بعض المؤرخين أنها كانت تستشار في أمور الصلح والنزاع داخل بني هاشم، لما عُرف عنها من رجاحة عقل وبعد نظر.
وفاتها
لا توجد روايات مؤكدة عن تاريخ وفاتها، لكن المصادر أشارت إلى أنها عاشت حتى خلافة الإمام علي رضي الله عنه، وكانت شاهدة على تحولات كبرى في تاريخ الإسلام من خلافة عمر وعثمان إلى خلافة أخيها.
رغم هذا التاريخ، بقي اسم عاقلة بنت أبي طالب بعيدًا عن الضوء بسبب قلة المرويات عنها في كتب السيرة والحديث، مما جعلها واحدة من النساء المجهولات في الإسلام رغم فضلها وقيمتها.
إن شخصية عاقلة بنت أبي طالب تفتح أمامنا بابًا لاستكشاف الوجوه النسائية المنسية في التاريخ الإسلامي، اللاتي قدمن أدوارًا جليلة في نشر الإسلام وحماية أهله، وهن بحاجة إلى المزيد من البحث والاهتمام لإعادة الاعتبار لهن في ذاكرة الأمة.