كتب مصطفى قطب
حين نتحدث عن صحابة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، تتعدد المواقف وتتنوع الشخصيات، ومنهم من ظل معاديًا للإسلام حتى فتح مكة، ثم أسلم وأصبح من فرسان الدعوة والمجاهدين في سبيل الله. ومن هؤلاء الحارث بن هشام المخزومي، ابن عم أبي جهل وأحد أبطال قريش المشهورين.
نسبه ومكانته في قريش
الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي، كان من سادات قريش وفرسانها المعدودين، وشارك في معركة بدر مع المشركين ضد المسلمين، وكان من أوائل المتحمسين لحرب النبي صلى الله عليه وسلم في بداية الدعوة. لكنه، ورغم تأخر إسلامه، كان صادق التوبة شديد الحب للنبي بعد أن عرف نور الإسلام.
إسلام الحارث بن هشام
أسلم الحارث بن هشام يوم فتح مكة في السنة الثامنة من الهجرة، حين دخلها النبي عليه الصلاة والسلام منتصرًا، وأعلن العفو عن أهلها. حينها، لان قلب الحارث بن هشام وأدرك أن الإسلام هو الحق، فأسلم طواعية مع عدد من أبناء بني مخزوم.
جهاده مع المسلمين
ما إن أسلم الحارث حتى عاهد النبي على القتال في سبيل الله تعويضًا عن سنوات عدائه للإسلام، وشارك في معركة حنين والطائف مع المسلمين. ومن مواقفه المشهودة أنه كان من الذين ثبتوا مع النبي في معركة حنين حين فر كثير من المقاتلين.
الحارث في عهد الخلفاء
لم يكتف الحارث بن هشام بإسلامه وجهاده في حياة النبي، بل استمر مجاهدًا في سبيل الله في عهد الخلفاء الراشدين، وشارك في حروب الردة مع أبي بكر الصديق، ثم في فتوحات الشام مع خالد بن الوليد.
وفاته
مات الحارث بن هشام في معركة اليرموك أو بعدها بفترة وجيزة، وقد قيل إنه مات شهيدًا في الشام مع من ماتوا في سبيل نشر الإسلام، وقيل أيضًا إنه توفي في طاعون عمواس. وأيًا كان موضع وفاته، فقد ختم حياته في ميادين الجهاد بعد أن أعز الله به الإسلام.
إرثه ومكانته
رغم أنه كان في بدايات الدعوة من ألدّ أعداء الإسلام، فإن التاريخ أنصف الحارث بن هشام كصحابي جليل، ورجل ترك الدنيا من أجل نصرة الدين، وكان مثالًا للتوبة الصادقة والرجوع إلى الله.
رحم الله الحارث بن هشام، فقد أثبت أن الإسلام يجبّ ما قبله، وأن طريق الجهاد والعمل الصالح مفتوح لكل من صدق مع الله.