الإثنين , يوليو 7 2025

حزنك مش بس في قلبك. ده ساكن في مناعتك

بقلم د/مي غريب

“حزنك مش بس في قلبك… ده ساكن في مناعتك!”

رحلة داخل عالم الأمراض النفسية المناعية

هل شعرت يومًا أن جسدك ينهار ببطء، رغم أنك لم تصب بزكام أو برد؟

هل تهاجمك آلام مزمنة، تعب لا يُحتمل، بشرة تتحسس من كل شيء، ومزاجك في الحضيض… ولا تفسير؟

لا تستغرب، فقد تكون نفسيتك هي من أعلنت الحرب على مناعتك!

 

أهلاً بك في عالم الأمراض النفسية المناعية، حيث تتقاطع النفس بالجسد، ويكتب الحزن سطوره على خلاياك دون إذن منك… ولا سابق إنذار!

ما هي الأمراض النفسية المناعية؟

هي حالة غامضة عجيبة، يتحول فيها جهاز المناعة إلى سيف مسلول على جسدك، بعد أن يتعرض لضغط نفسي مزمن، أو صدمات عاطفية متكررة، أو اكتئاب طويل الأمد.

والمصيبة؟ أن الجسم ينسى مَن هو العدو ومَن هو الصديق…

فيبدأ بمهاجمة خلاياه السليمة وكأنها أجسام غريبة.

والنتيجة؟ أمراض غريبة، مؤلمة، مزمنة، ولا يظهر لها سبب واضح في التحاليل!

من المخ إلى الخلية… كيف يحصل هذا الخراب؟

الموضوع مش سحر ولا خيال… بل علم.

في الحالات النفسية الشديدة، يفرز المخ هرمونات التوتر (مثل الكورتيزول) بشكل مستمر.

هذا الإفراز المستمر يربك الجهاز المناعي ويجعله يدخل في وضعية الإنذار الدائم.

ومع الوقت، يفقد هذا الجهاز قدرته على التمييز…

فيهاجم أنسجة الجسم نفسه، وتبدأ رحلة الألم الصامت!

 

أمثلة حقيقية على أمراض تبدأ من “وجع في النفس”:

الذئبة الحمراء (SLE):

تظهر غالبًا عند أشخاص عاشوا ضغوطًا قوية أو كبتوا مشاعرهم طويلًا.

تظهر في صورة طفح جلدي، تعب دائم، وألم مفاصل وكأن الجسد يشتكي بصوت مرتفع.

الثعلبة:

سقوط مفاجئ للشعر؟ قد يكون سببه صدمة عاطفية مفاجئة…

ربما خيانة، فقدان عزيز، أو خوف دفين خرج على شكل فراغ في الرأس!

التصلب اللويحي (MS):

مرض مناعي عصبي يصيب من عاشوا تحت ضغط نفسي مزمن أو قلق مستمر.

أعراضه؟ ضعف عضلي، خلل في التوازن، تشويش في الرؤية… وحيرة في التشخيص.

القولون العصبي:

اسمه الشائع مضلل… لأنه ليس فقط “قولون”، بل مرآة للقلق والاكتئاب.

عندما يُحبَس الحزن في الداخل، يتحدث عبر البطن: انتفاخ، إمساك، أو إسهال لا تفسير له.

الصدفية:

بقع حمراء، قشرية، مؤلمة… قد تكون صدى لـ”غضب مكبوت” لم يجد طريقه للخروج.

الجلد يصرخ حين يسكت القلب!

هذه ليست أوهامًا نفسية!

كثيرون يستخفون بهذه الحالات، ويقولون:

“هو بيفكر كتير، بيتوهم، بيبالغ!”

لكن الطب النفسي العصبي والمناعي يقول بوضوح:

الصحة النفسية هي مفتاح توازن المناعة… والمناعة لا تُشفى وحدها!

ما الحل؟ وهل هناك أمل في العلاج؟

نعم، والأمل كبير… لكن أول خطوة هي أن تعترف أن النفس تتعب مثل الجسد تمامًا.

إليك وصفتي العلاجية، مزيج من الطب النفسي السلوكي والمناعة النفسية:

1. افتح خزانة مشاعرك: لا تخجل من البكاء أو الحزن. الفضفضة دواء.

2. الجأ لاختصاصي نفسي بضمير حي: التوجيه الصحيح ينقذك من دوامة المرض.

3. مارس رياضة روحية أو جسدية: اليوغا، التأمل، المشي في الطبيعة.

4. اكتب مشاعرك يوميًا: التفريغ عبر الكتابة يُزيل السموم العاطفية.

5. غذِّ روحك وجسدك معًا: نوم منتظم، أكل صحي، جلسة تدليك، حجامة، أو حتى لحظة صمت هادئة.

 خلاصة الرحلة

إذا شعرت يومًا أن جسدك يصرخ دون كلمات…

فاستمع جيدًا، لأن الصوت قد يكون صدى لنفس مجروحة.

الأمراض النفسية المناعية ليست نهاية، لكنها جرس إنذار يدعوك للعودة إلى ذاتك.

ولعل هذا الجسد المتألم لا يريد سوى حضنًا دافئًا، وكلمة “أنا معك”، واستراحة من حرب المشاعر.

اعتنِ بنفسك...

لأن مناعتك ليست فقط جدارًا ضد البكتيريا، بل مرآة لروحك من الداخل

شاهد أيضاً

“بشعار «تبرعك بالدم حياة».. الصحة تطلق حملة قومية لإنقاذ الأرواح وتعزيز الوعي المجتمعي

كتب محمد نادر في خطوة تعكس التزام الدولة بتعزيز المشاركة المجتمعية وتحقيق الأمن الصحي الوطني، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *