الإثنين , يوليو 7 2025

الصداع لا يكذب ..ولكنه يبالغ احيانا

بقلم د/مى غريب

الصداع ليس مرضًا في حد ذاته، بل هو جرس إنذار، يُطلقه الجسد ليخبرنا أن هناك خطبًا ما. قد يكون الأمر بسيطًا كشرب كمية قليلة من الماء، أو معقدًا كمشكلة عصبية أو توتر نفسي دفين. في هذا المقال، نغوص سويًا في أعماق هذا العرض الشائع، نُفكك أسبابه، نُميز أنواعه، ونستعرض طرق علاجه بمنظور شمولي يجمع بين العلم الحديث والطب التكميلي.

أولاً: ما هي أسباب الصداع؟

أسباب الصداع كثيرة ومتشعبة، لكن يمكن تصنيفها إلى ثلاث فئات رئيسية:

1. أسباب جسدية مباشرة:

قلة النوم أو الإفراط فيه.

نقص الماء أو التغذية غير المتوازنة.

مشاكل النظر أو إجهاد العين.

ارتفاع أو انخفاض ضغط الدم.

الجيوب الأنفية أو التهابات الأذن والأسنان.

2. أسباب نفسية:

التوتر المزمن والضغط العصبي.

القلق أو الاكتئاب.

الإرهاق العقلي الناتج عن العمل أو الدراسة.

3. أسباب نمط الحياة:

الإفراط في تناول الكافيين أو الانقطاع المفاجئ عنه.

قلة الحركة أو الجلوس الطويل بوضعيات خاطئة.

الأصوات العالية أو الإضاءة المزعجة.

ثانيًا: أنواع الصداع الأكثر شيوعًا

كل نوع من الصداع له بصمته الخاصة، وفهم النوع يُساعدنا على التعامل معه بذكاء، دون هلع أو استهانة:

1. الصداع التوتري:

أكثر الأنواع شيوعًا. ألم ضاغط أشبه بعصابة مشدودة حول الرأس، غالبًا ما يبدأ في نهاية اليوم. سببه الرئيسي: التوتر والإجهاد.

2. الصداع النصفي (الشقيقة):

ألم نابض، غالبًا في أحد جانبي الرأس، يرافقه غثيان وحساسية للضوء أو الصوت. قد تسبقه “أورة” أو تشويش بصري. أسبابه تشمل التغيرات الهرمونية، عوامل وراثية، ومحفزات غذائية.

3. الصداع العنقودي:

ألم شديد جدًا، يُصيب جهة واحدة من الوجه، حول العين غالبًا، ويأتي على شكل نوبات. نادر لكنه مرهق جدًا.

4. الصداع المرتبط بعوامل طبية:

ناتج عن أمراض عضوية مثل التهابات، أورام، مشاكل في الجهاز العصبي. هذا النوع يتطلب تدخلًا طبيًا مباشرًا.

ثالثًا: كيف نعالج الصداع؟

العلاج لا يجب أن يكون فقط قرص دواء، بل خطة شاملة تشمل:

1. علاج دوائي (عند الحاجة):

مسكنات خفيفة مثل الباراسيتامول أو الإيبوبروفين.

أدوية مخصصة للصداع النصفي بوصفة طبيب.

مضادات احتقان إذا كان السبب جيوب أنفية.

2. علاج طبيعي وتكميلي:

الحجامة: فعالة خصوصًا في حالات الصداع المزمن أو النصفي.

التدليك العلاجي: يساعد على تخفيف التوتر العضلي في الرقبة والكتفين.

الزيوت الطبيعية: مثل زيت النعناع أو اللافندر لتدليك الجبهة أو استنشاقها.

3. تعديلات في نمط الحياة:

النوم المنتظم.

شرب الماء بانتظام (ما لا يقل عن 8 أكواب يوميًا).

ممارسة رياضة خفيفة بانتظام مثل المشي أو اليوغا.

الابتعاد عن الضوضاء والمحفزات البصرية المزعجة.

تقليل الكافيين والأطعمة المحفزة للصداع (مثل الجبن المعتق، الشوكولاتة، المواد الحافظة).

رابعًا: متى نقلق من الصداع؟

هناك علامات تستوجب زيارة الطبيب فورًا:

إذا ظهر الصداع فجأة وبشدة غير معتادة.

إذا صاحبه تشوش في الكلام، ضعف في الأطراف، أو فقدان الوعي.

إذا كان الصداع يزداد سوءًا يومًا بعد يوم.

إذا صاحبه ارتفاع في الحرارة أو تيبس الرقبة.

الصداع قد يكون مجرد زائر عابر، وقد يكون رسولًا يحمل رسالة تحذير. لا تكتفي بكتم الألم، بل استمع له، حلله، واسأل نفسك: ما الذي يحاول جسدي إبلاغي به؟

تعامل معه بحكمة، ووازن بين العلاج الحديث، والدعم النفسي، والراحة، والاهتمام بالتغذية. فالصداع ليس عدوًا، بل هو فرصة لنُراجع أنفسنا، ونهتم بأجسادنا وعقولنا كما تستحق.

شاهد أيضاً

“بشعار «تبرعك بالدم حياة».. الصحة تطلق حملة قومية لإنقاذ الأرواح وتعزيز الوعي المجتمعي

كتب محمد نادر في خطوة تعكس التزام الدولة بتعزيز المشاركة المجتمعية وتحقيق الأمن الصحي الوطني، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *